تسارعت التطورات خلال الساعات الأخيرة كما السيناريوهات المحتملة لانتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، مسلّطة الضوء على القرار الذي ستتّخذه السلطات اللبنانية في الأيام المقبلة حول مصير الحاكم، وما إذا كانت الحكومة التي تمتلك قانونيا صلاحية إقالة حاكم المركزي، ستلجأ إلى هذا الخيار أم أنها ستستكمل النهج المعهود بتمسّكها بسلامة رغم التداعيات، إلى حين نهاية ولايته كحاكم أواخر يوليو/ تموز المقبل، ما من شأنه أن يخلق جدلا قانونياً ودستورياً في البلاد التي تشهد انقساماً سياسياً حاداً.
داخلياً، تتخوّف مصادر متابعة من التداعيات التي ستنتج عن الواقع الجديد الذي أفرزته مذكّرة الاعتقال بحق سلامة، خصوصاً وأنّ "لبنان يمرّ بوضع استثنائي حرج، فحاكم مصرف لبنان قادر أن يتسبّب بخضة في السوق المالي، ولا نعرف على ماذا يراهن، فيما الدولة تراهن على أن ولايته تنتهي أواخر يوليو/ تموز المقبل، فيستلم مكانه نائب الحاكم."
أما فرنسياً، فنائبة رئيسة محكمة الاستئناف في باريس القاضية أود بوروزي تريد الادعاء على سلامة قبل احالتها الى التقاعد في نهاية ايار الجاري وهي مستعدة لكل الردود إن استئناف مذكرة الانتربول والطعن بالقرار الفرنسي.
إلى منصّة الاعتراف؟
ووفق مصادر، فإنّ النّشرة الحمراء للإنتربول بحقّ سلامة تعني أنّ مرحلة الفضائح والتحدّي بدأت، كاشفة عن صدور ادّعاءات جديدة بحقّ آخرين من القضاء الفرنسي.
وتساءلت المصادر: "هل سيصل سلامة إلى منصّة الاعتراف وتبدأ الرّؤوس الكبيرة بالسقوط كأحجار الدينامو؟
بدورها، أشارت مصادر قضائية إلى أنّ المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان سيستمع هذا الأسبوع إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في ضوء تسلّم النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات من وزير الداخلية بسام مولوي مذكّرة التوقيف الغيابية الصادرة بحقه عن قاضية التحقيق الفرنسية أود بوروزي، على أن يتخذ القاضي عويدات قراره بعد الجلسة، كما حدّد القضاء الفرنسي جلسة لرجا سلامة في 31 مايو/ أيار الحالي ولمساعدة حاكم مصرف لبنان ماريان حويك في 13 يونيو/ حزيران المقبل.
ماذا عن مصير سلامة؟
وعن مصير الحاكم، تحدّث الخبير الدستوري، سعيد مالك، في تصريح لـ "جسور"، قائلا: "بعد إصدار مذكّرة التوقيف الدولية عن الإنتربول ضمن "النشرة الحمراء" بحق سلامة، فمن المفترض أن يُستدعى الأخير إلى الإستماع أمام النائب العام التمييزي الذي سيبقيه حراً مع تقرير منع سفره ومصادرة جوازه، وسيُطلب كذلك من السلطات الفرنسية تحضير طلب استرداد بحق الحاكم".
وأوضح مالك، أنه بعد وصول ملف الإسترداد إلى لبنان بواسطة وزارة الخارجية ومنها إلى وزارة العدل ومن ثم النائب العام التمييزي، وسنداً لأحكام المادة 35 من قانون العقوبات اللبناني، سيتولى النائب العام التمييزي التحقيق مع سلامة بعد استدعائه مجدداً حول توفّر أو عدم توّفر الشروط القانونية لطلب الإسترداد ومدى ثبوت التهمة من عدم ثبوتها.
وبعد الإستجواب، يقول مالك: "يُتّخذ القرار إما إصدار مذكّرة توقيف وجائية بحق المطلوب استرداده، وإما بحفظ الملف لعدم توافر الشروط القانونية، أم اعتبار الفعل والمُستنِد إليه طلب الإسترداد هو الفعل نفسه الملاحق به في لبنان.
وفي جميع الأحوال، ومهما كان القرار يُحال الملف إلى وزير العدل مشفوعاً بتقريره حيث يحيل وزير العدل طلب الإسترداد ومرفقاته والتحقيقات مع المطلوب استرداده وتقرير النائب العام التمييزي إلى الحكومة للبت بطلب الإسترداد بمرسوم يتّخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير العدل بالإستجابة إلى طلب الإسترداد أم لا، وفق مالك.
هل إقالته ممكنة؟
أما بالنسبة إلى موضوع حكومة تصريف الأعمال، فيقول الخبير الدستوري لـ "جسور" إنه من الثابت أن المادة 19 من قانون النقد والتسليف الصادر في المرسوم 13513 / 63 تاريخ 1/8/ 1963 تبيّن بشكل واضح وصريح أنّه لا يمكن إقالة الحاكم المركزي إلا بحال وجود عارض صحي مثبّت من جهة أو لثبوت إخلاله بالواجبات الوظيفية أو لثبوت التعارض مع المادة 20 وإضافة إلى كل ذلك في حال ارتكب الخطأ الفادح في تسيير الأعمال.
ويرى مالك، أن هذه الشروط غير متوافرة حتى تاريخه وهناك صعوبة في الإقالة الحكومية، أما لجهة صلاحية حكومة تصريف الأعمال، فمن الثابت أنّ هذه الحكومة لن يكون باستطاعتها مستقبلا تعيين حاكم جديد للمصرف المركزي، كون هذا يخرج عن سياق تصريف الأعمال وكون قانون النقد والتسليف قد نظّم الفراغ لا سيما في المادة 25 منه التي تنصّ أنه في حال الفراغ يحّل النائب الأول مكان الحاكم، وبالتالي ليس هناك من قضية ملحّة وطارئة تستدعي تدخّل الحكومة وتستدعي خرق مبدأ حصرية الأعمال التي يجب على الحكومة أن تقدم عليها وهي حكومة تصريف أعمال أي الأعمال ضمن إطار التفسير الضيّق، مما يفيد بأنه بعد انتهاء ولاية الحاكم سيتسلّم نائبه الأول المهام بانتظار انتخاب رئيس جمهورية وتشكيل حكومة جديدة لإجراء ما يلزم من قرارات في هذا الخصوص.