في خطوة تُعزّز من التوترات في المنطقة، نشرت "المقاومة الإسلامية في العراق"، مشاهد مصوّرة قالت إنها لاستهداف موقع داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة بواسطة طائرة مسيّرة ثابتة الجناح، ويأتي هذا الإعلان في ظل التصاعد الحالي للتوترات في الشرق الأوسط، مما يزيد القلق بشأن تصاعد العنف في المنطقة. فيما أكد مصدر مقرّب من فصائل مسلحة عراقية، أن التهدئة الحالية تتعلّق بالجانب الأميركي فقط، ولا علاقة لها بأي عمليات ضد إسرائيل التي تُنفّذ من وقت لآخر.
ونشرت الجماعة، التي تضمّ فصائل "النجباء"، وكتائب "حزب الله"، و"سيّد الشهداء"، والإمام علي"، و"الأوفياء"، ومليشيات أخرى تُوصف بأنها حليفة لإيران، بياناً قالت فيه: "ضمن المرحلة الثانية لعمليات مقاومة الإحتلال، ونصرة لأهلنا في غزة، ورداً على المجازر الصهيونية بحق المدنيين الفلسطينيين العزّل، استهدف مجاهدو المقاومة الإسلامية في العراق بواسطة الطيران المسيّر، محطة الكهرباء في مطار حيفا بأراضينا المحتلة".
مواجهة عراقية إسرائيلية؟
وتعتبر العملية الجديدة لفصائل عراقية مسلّحة هي الخامسة التي تستهدف الأراضي المحتلة في فلسطين بواسطة طائرات مسيرة مفخخة، منذ مطلع العام الحالي.
ووفقاً لمصدر مقرب من فصائل "المقاومة الإسلامية"، فإن "العملية لا تمثل خرقاً للتهدئة الحالية في العراق، كونها استهدفت قوات الإحتلال الإسرائيلي وخارج الساحة العراقية بالكامل"، مؤكداً أنّ "عملية الإطلاق كانت من داخل الأراضي السورية، لا العراقية".
وتعليقاً على ما جرى، أوضح رئيس مركز التفكير السياسي العراقي، إحسان الشمري، أنه رغم بيانات الفصائل المسلّحة العراقية التي أكدت خلالها استهداف الداخل الإسرائيلي أكثر من مرة، لكن عدم إعلان واعتراف تل أبيب بهذه الهجمات، سيضع هذه الإستهدافات في دائرة الإستفهام.
وعن الهجوم الأخير الذي يرتبط أولاً بطبيعة التطورات التي تحدث ما بين إسرائيل من جهة وحزب الله من جهة أخرى، أشار الشمري لـ "جسور"، أنّ الفصائل العراقية تريد إيصال رسائل أولاً إلى إسرائيل مفادها أنها ستكون أمام عدو بعيد جغرافيا لكنه يؤمن بوحدة الساحات والجبهات إذا ما فكرت تل أبيب بالبدء بهجوم بري وجوي على حزب الله، والأمر الآخر وفق الشمري هو أنّ هذا الهجوم يعدّ بمثابة رسالة من قبل هذه الفصائل المسلحة إلى الولايات المتحدة الأمبركية أيضا على الرغم من أنّ هذه الفصائل أوقفت الهجمات على القواعد الأميركية لكنها قادرة حتى اللحظة على اتخاذ قرار باستئناف الهجمات.
في المقابل، رأى الشمري لـ "جسور" أنّ هذه الإستهدافات ستضع العراق في مواجهة مع إسرائيل، وذلك على خلاف الرأي الرسمي الذي يسعى إلى التهدئة وألا ينجرّ إلى حرب ذات تكلفة باهظة، وبالتالي قد يتعرض العراق نتيجة هذه الهجمات على إسرائيل إلى عمليات استهداف وقصف من قبل تل أبيب التي لن تتردّد في القيام بذلك بخاصة وأنّ لها سوابق على مستوى الداخل العراقي، عندما قصفت في جرف الصخر وحتى في بغداد.. لذلك من المرجّح بسحب الشمري أن يتطوّر الموضوع ومن ثم ستصبح هذه الفصائل أمام لحظة لكسر قرار الهدنة مع واشنطن.
فتح جبهة ثالثة؟
من المنظور الأمني، يقول الباحث في الشؤون الأمنية والاستراتيجية، سرمد البياتي لـ"جسور"، أن ليس هناك من نيّات لفتح جبهة ثالثة إلى جانب جبهة المقاومة الفلسطينية وحزب الله اللبناني، لكن الإستهداف أولاً بالنسبة للشأن العراقي لن يكن على القوات الأمنية داخل العراق أو داخل سوريا، بل هم استهدفوا محطة كهرباء في مطار حيفا، باعتبار أن هناك هدنة غير معلنة بين الفصائل والقوات الأميركية وليست بين الفصائل وإسرائيل، لذلك ونظراً لسياسة التجويع التي تنتهجها إسرائيل في غزة ربما أتت هذه العمليات للفت انتباه العالم لما يحصل بحق الشعب الفلسطيني، لكن كشأن عراقي هم لم يستهدفوا القوات الأميركية إنما استهدفوا إسرائيل بالعمق وهذه طبيعية.
وفي الخامس من الشهر الماضي، أعلنت "كتائب حزب الله" العراقية وقف عملياتها العسكرية، مبررة ذلك بجملة من الأسباب، أبرزها منح حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني الفرصة للتفاوض على إخراج القوات الأميركية من البلاد، أعقبتها مواقف مماثلة لجماعة "النجباء"، و"سيد الشهداء"، وفصائل أخرى تنضوي ضمن "المقاومة الإسلامية"، التي أخذت على عاتقها فتح جبهة ضد الأميركيين في العراق والجوار السوري الذي تسيطر عليه "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، رداً على الدعم الأميركي المفتوح للاحتلال الإسرائيلي في جرائمه المتواصلة بقطاع غزة.
والجمعة الماضي، استهدفت المقاومة محطة المواد الكيميائية في ميناء حيفا المحتلة، بالطيران المسيّر أيضاً.
يُذكر أنّ الأمين العام لكتائب سيد الشهداء في العراق، أبو آلاء الولائي، أعلن في الـ24 من يناير/ كانون الثاني الماضي، الشروع بالمرحلة الثانية من العمليات العسكرية، تزامناً مع استهداف الولايات المتحدة قوات المقاومة.
وتتضمّن المرحلة الثانية إطباق الحصار على الملاحة البحرية الإسرائيلية في البحر الأبيض المتوسط، إضافةً إلى إخراج موانئ الإحتلال عن الخدمة، وفقاً لما أضافه الولائي.
ويوم الأحد الماضي، أكدت المقاومة الإسلامية في العراق استهدافها محطة المواد الكيميائية في ميناء حيفا، ومطلع شهر فبراير/ شباط الماضي، أعلنت المقاومة أنها هاجمت هدفاً بمدنية إيلات في إسرائيل بالطيران المسيّر.
وفي الـ25 من يناير/ كانون الثاني، أعلنت أنها استهدفت ميناء أسدود الإسرائيلي بالطائرات المسيّرة، وذلك عقب أيام من تأكيدها أنها قصفت أيضا ميناء أسدود في إسرائيل بطائرات مسيرة، مع الإشارة إلى أن ميناء أسدود يبعد عن العاصمة العراقية بغداد قرابة 1000 كيلومتر.
وكانت فصائل المقاومة في العراق قد حذّرت الولايات المتحدة من أنها ستزيد عدد العمليات المسلحة، ردا على مواصلة واشنطن تقديم المساعدة العسكرية للجيش الإسرائيلي الذي يقتل المدنيين في قطاع غزة وجنوب لبنان.