ما زال هجوم موسكو الدموي والأعنف في روسيا منذ عشرين عاماً يثير القلق لدى السلطات الروسية، في ظل تعدّد الفرضيات حول الجهة المسؤولة عنه. وعلى الرغم من إعلان تنظيم الدولة الإسلامية تبنيه له، إلا أن الرئيس الروسي بوتين يواصل توجيه اتهاماته نحو أوكرانيا.
واعتقلت السلطات 12 شخصاً يشتبه في تورطهم بالحادثة بما في ذلك أربعة رجال من طاجيكستان يُعتقد أنهم الجناة المحتملين.
يذكر أن أجهزة المخابرات الأميركية حذرت في 8 مارس/آذار روسيا من وقوع هجوم إرهابي على أراضيها، لكنها لم تقدم سوى معلومات عامة جداً، وفقاً لرئيس جهاز الأمن الفدرالي، وفي الوقت نفسه، وجهت السفارة الأميركية لدى روسيا تحذيرا لمواطنيها بالابتعاد عن الأماكن التي تشهد تجمعات كبيرة.
وفي 22 مارس/ آذار، أقدم أربعة مسلحين على اقتحام قاعة "كروكوس سيتي هول" في ضواحي العاصمة الروسية، ما أسفرعن مقتل 144 شخصا وإصابة مئات الآخرين.
استبعاد فرضية داعش
الفرضيات المتعددة للجهة المسؤولة عن الهجوم الدموي في ضاحية موسكو يدحضها تباعاً المشرف على مركز الأوراس للدراسات الإستراتيجية أوراغ رمضان في حديثه لـ"جسور" حيث استبعد بداية تورط الجماعات المسلحة الإرهابية أو ما يعرف بداعش بسبب غياب أي رمزية يتبناها الأخير في عملياته.
وأوضح "كما نعلم لدى داعش ما يعرف بالعمليات الاستشهادية والعمليات الرمزية الأمر الذي لم نره في الهجوم الأخير، ما يشير إلى أنها لا تقف وراءه".
واستطرد قائلاً "إن داعش وما شابه داعش عبارة عن منظمات عربية مرتبطة بالمخابرات الغربية التي قامت بإنشائها باعتراف من الديمقراطيين ومن ترامب الذي أكد على أن الحزب الديوقراطي أو الولايات المتحدة تقف وراء تأسيس ودعم هذه الشركة العالمية للإرهاب مع تمويل مادي ودعم إعلامي ولوجيستي مشيراً إلى أن داعش استُثمر فيها واستغلت من أجل تفكيك العالم العربي، مضيفاً "نحن نعلم أيضاً أن بعض عناصر داعش عُولجوا في مستشفيات إسرائيلية وكانوا يحملون رشاشات وأسلحة من صناعة إسرائيلية".
تأليب روسيا على القضية الفلسطينية
في المقابل، يعتقد رمضان أن من يقف وراء هذه العملية "يريد أن يذكّر العالم وروسيا بمن فيها النخبة القريبة من صناعة القرار الروسي بما حدث في 7 أكتوبر/تشرين الأول في قطاع غزة ومحيطه".
ورجح بالتالي أن يكون الغرب والجهات الداعمة لإسرائيل قد استغلوا "كروكوس سيتي هول" ووجود مجمع للموسيقى وللحفلات، لإدخال عناصر إسلامية إلى الرواية تقتل مواطنين روس وذلك "بهدف تأليب الرأي العام الروسي على القضية الفلسطينية ودفع روسيا للوقوف ضدها والتوجه نحو معالجة الإرهاب في العالم العربي والإسلامي، والتخفيف بالتالي من وطاة المعركة عن إسرائيل" على حد قوله.
استبعاد ضلوع أوكرانيا
من جهة أخرى، استبعد رمضان ضلوع أوكرانيا ومخابراتها في الهجوم الدموي مؤكداً أن روسيا لا تملك أي دليل على تورط أوكرانيا، وأشار في المقابل، إلى أن الأخيرة "تحارب من أجل سيادتها ولديها مهمة كبيرة داخل أراضيها تمنعها من التوسع في حربها إلى أبعد من حدودها".
واعتبر أن اتهام روسيا الاتحادية للمخابرات الأوكرانية بالوقوف خلف الهجوم إنما يهدف إلى "استغلال الحدث والاستثمار فيه من أجل تعبئة مواطنيها للاستمرار في دعم الحرب على أوكرانيا والدفع ببوتين نحو تكثيف الهجوم عليها واستغلاله الشح في الذخيرة والدعم اللوجستي والمالي من الغرب لها خلال المرحلة الراهنية أي قبيل الانتخابات الأميركية وكذلك الانتخابات في البرلمان الأوروبي التي ستنبثق عنها السلطات الجديدة الأوروبية في بروكسل".
الخلل الأمني
وتحدث رمضان أيضاً عن فرضية الخلل الأمني معتبراً أنه واضح لكنه أكد أيضاً أن مواطني جمهورية تاجكستان، التي منها ينحدر المتورطون الأربعة في الهجوم، "يقعون في مستوى الرقابة الأمنية السوفييتية السابقة أي الكي جي بي أو ما يعرف بجهاز الاستخبارات الروسي الفيدرالي ما يشير إلى أن روسيا تعرف الكثير عنهم" مرجحاً بالتالي أن يكون قد تم استغلال وضعهم الإجتماعي من أجل إخراج هذه المسرحية.
وبعد هجوم موسكو، رفعت فرنسا حالة التأهب الأمني إلى الدرجة القصوى حيث يعتقد الرئيس إيمانويل ماكرون أن تنظيم الدولة الإسلامية "داعش- خرسان" هو من نفذ هجوم موسكو معلنا أن المجموعة قامت خلال الأشهر الأخيرة بعدة محاولات لتنفيذ هجمات على الأراضي الفرنسية فيما وصلت تحذيرات من محاولة داعش تنفيذ هجمات في دول الاتحاد الأوروبي.