تبدو طهران تستعد للحلول في الأردن، مستغلة حادثة القصف الذي طال القنصلية الإيرانية في دمشق، يوم الإثنين، والتنفيذ سيكون بيد "المليشيات العراقية".
وكشفت إحدى الفصائل المنضوية فيما يسمى بـ"المقاومة العراقية" عن أنها تحضر لـ"قطع الطريق البري" إلى إسرائيل، وأرسلت صواريخ الى مقاتلين في الاردن.
ويتوقع سياسيون ومحللون عراقيون، حدوث تغييرات بعد حادثة القنصلية، واستخدام الأراضي العراقية مرة جديدة في الحرب بين طهران من جهة وتل أبيب وواشنطن من جهة أخرى.
وكان ارئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، قال أنّ الضربات التي استهدفت القنصلية الإيرانية في دمشق وأدّت إلى مقتل سبعة من عناصر الحرس الثوري الإيراني يوم الإثنين الماضي، "لن تمر من دون رد".
وصرح سفير إيران لدى سوريا حسين أكبري بأن ضربة عسكرية، يشتبه أنها إسرائيلية، أصابت مبنى قنصلية في مجمع السفارة في دمشق.
وقال الحرس الثوري الإيراني في بيان إن القصف خلف مقتل سبعة مستشارين عسكريين، من بينهم محمد رضا زاهدي القائد الكبير في فيلق القدس، الذراع الخارجية للحرس الثوري.
وحملت طهران إسرائيل المسؤولية عن تبعات الهجوم فيما قال حسين أكبري إن بلاده "سترد بشكل حاسم".
وأعاد هذا الحادث المليشيات العراقية للظهور إعلاميا مرة جديدة، بعد هدنة استمرت في العراق مع القوات الأميركية أكثر من شهرين، وتعهدت هذه الفصائل بالرد.
تقول مصادر سياسية مطلعة لـ"جسور"عن سيناريوهات إيران بالمرحلة المقبلة، إن الأخيرة "قد تعيد تنشيط العمليات في العراق وسوريا، كما يمكن أن تفتح جبهة جديدة في المنطقة".
وتشير المصادر إلى أن إيران "تحاول إثارة الفوضى الآن في الأردن، ودعم الاحتجاجات المستمرة منذ أيام في المملكة، لتشيت الغرب وحماية إيران من أي قصف إسرائيلي متوقع".
وفي هذا الصدد أصدرت كتائب حزب الله العراقية، المنضوية فيما تسمى بـ"المقاومة العراقية الإسلامية"، بيان غريب عقب حادثة القنصلية، تحدثت فيه عن وجود آلاف المقاتلين في الأردن
وقال المسؤول الأمني للكتائب أبو علي العسكري في منشور على قناته في "تلغرام"، إن "المقاومة الإسلامية في العراق أعدت عدتها لتجهيز المقاومة الإسلامية في الأردن بما يسد حاجة 12 ألف مقاتل من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقاذفات ضد الدروع والصواريخ التكتيكية وملايين الذخائر وأطنان من المتفجرات، لنكون يداً واحدة للدفاع عن إخوتنا الفلسطينيين".
وأضاف، "جاهزون للشروع في التجهيز ويكفي في ذلك من حركة حماس أو الجهاد الإسلامي، لنبدأ أولا بقطع الطريق البري الذي يصل إلى الكيان الصهيوني".
وفي نهاية كانون الثاني/ يناير الماضي، أعلنت جماعة كتائب حزب الله، تعليق كل عملياتها العسكرية ضد القوات الأميركية بالمنطقة، وذلك بعد يوم من توجيه البنتاغون أصابع الاتهام لها بأنها وراء الهجوم المميت الذي أسفر عن مقتل ثلاثة عسكريين أميركيين في الأردن.
وعقب بيان الكتائب حول أحداث سوريا الاخيرة، قالت حركة النجباء العراقية، المنضوية كذلك فيما يطلق عليها بـ"المقاومة الإسلامية"، تهديد إلى إسرائيل.
وقالت الحركة في بيان نشر على موقعها في "تلغرام" إنها تدعم الجمهورية الإسلامية في حقها بالدفاع عن النفس وفي الوقت نفسه حقها بالرد على هذه الإنتهاكات في المكان والزمان اللذين تختارهما".
وأضاف:"ونعلن أننا على أهبة الاستعداد لاتخاذ أي إجراء يمثل رداً على هذه الانتهاكات التي ترتكبها القوات الصهيونية المحتلة".
خرق الهدنة
ويعتقد أن هذه التصريحات قد تخرق الهدنة "الضمنية" بين الفصائل والولايات المتحدة التي بدأت منذ شباط الماضي
ويقول أحمد الياسري، وهو محلل سياسي عراقي مقيم في أستراليا لـ"جسور" إن "الجهة التي يتفاعل بها الحدث هي الجهة خارج نطاق المعهود في الاستهدافات الإيرانية- الأميركية، هذه قضية خاصة بإسرائيل واستهداف لموقع دبلوماسي إيراني، وهو أشبه بإعلان الحرب أو التهيئة لاستهداف داخل إيران".
ويعد الجنرال محمد رضا زاهيدي، الذي قضى في هجوم القنصلية، أبرز قيادي في الحرس الثوري يقتل بعد قاسم سليماني، وثالث قيادي منذ حرب غزة.
وتولى زاهيدي قيادة قوات فيلق القدس في لبنان منذ عام 2008، وأدرج على قائمة العقوبات الأميركية منذ عام 2010
.
ويرى الياسري أن إيران بعد الحادث ستحاول أن تكون اتجاهاتها منظومية، منطلقة من قنوات الضغط الدبلوماسي، وهو أقل من الفعالية المباشرة على الواقع الأمن العراقي.
لكن المحلل السياسي يحذر من جهة أخرى من تأثيرات مباشرة على العراق. ويقول: "قد تؤدي ردود فعل إيرانية على الحادث تضطر على أثرها أن تتدخل الولايات المتحدة، حينها ستنتهي الهدنة مع الفصائل، خصوصًا وأن هذه التطورات تأتي مع توقعات باقتحام إسرائيل رفح، وتصاعد استهدافات الحوثيين في البحر الأحمر".
لكنه يؤكد أن "حتى الآن اتجاهات إيران لحد الأزمة دبلوماسية" بشرط أن لا يتدخل الحرس الثوري في الأزمة، حينها سنكون أمام سيناريو ثاني للتأثيرات المباشرة على العراق.
ويتابع الياسري "الحرس الثوري وفيلق القدس له اتجاهات خاصة، ليست منضبطة بانضباط الدولة، يتصرف بشكل خاص، وأحيانا يتفق مع رؤيته الدولة وأحيانا يتصرف بما يراه مناسبا".
ويشير المحلل السياسي العراقي: "هنا الحرس الثوري بهذه اللحظة، بعد الحلف الغربي باستهداف الحوثيين قام بأضعاف جبهة سوريا والعراق، وشكل طوق لحماية حزب الله في لبنان، فاستراتيجيته ليست تصعيدية في العراق وسوريا، كما في البحر الأحمر خليج عدن، لكن قد يقوم الحرس بإشعال المنطقة التي كانت هادئة، بسبب أنه قد يتصور أن إسرائيل تعتبر أن محاولة تهدئة المنطقة يعني ضعف طهران، وقد يؤدي هذا إلى مصادمة ومواجهة مباشرة بين الطرفين".
زعل طهران!
إلى ذلك يقول السياسي والنائب العراقي السباق مثال الألوسي تعليقا على احتمال تورط العراق بعد حادث القنصلية الإيرانية في سوريا " لا أستطيع أن أرى العراق يذبح وحكومة كارتونية تخشى زعل طهران وتتحايل على واشنطن والإدارة الأميركية لا تريد أن وترى فيها حكومة مؤقتة لعبور الانتخابات الأمريكية والعراق الدولة والشعب لا حساب لهما"
وأضاف في مقابلة مع (جسور): "بدلا من أن تعالج وتحمي الحكومة سيادة العراق وأمن ومصير العراق من المواجهات الإسرائيلية الإيرانية فإن الحكومة والإطار التنسيقي والبرلمان يصرخون لا نقبل أن يكون العراق منطلقا لتهديد إيران ولكن نفسهم يعلنون ويأخذون جانب نصرة إيران في حربها على إسرائيل ومن ثم يتوسطون سرا يتمنون ان يبقى القصف الاسرائيلي محددا في لبنان وسوريا".
ويتابع الألوسي: "وهنا تتضح خطورة الموقف العراقي الرسمي والذي سيورط العراق بأخطر التطورات ويحمل المواطن الأثمان في حياته وأمنه ومستقبل العراقيين. لا وجود لسياسات عراقية هناك فقط طابور من أنصاف المسؤولين يتنافسون على إرضاء الإيراني على حساب العراق".
ويطالب النائب السابق، رئيس الوزراء العراقي محمد السوداني أن يكون "حكيما في إطفاء النيران الداخلية في ضرورة تطبيق الاتفاق الحكومي ولجم محاولات اختطاف البرلمان والإعلان عن قانون فعلي لتشكيل محكمة اتحادية دستورية وليس آخرها ضرب رؤوس الفساد الذي التو به للكرسي وعدا ذلك أنصحه لتأجيل زيارة واشنطن (المقررة منتصف نيسان/ أبريل الحالي) ولعها ستكون آخر ما سيفعله"
وأكد الألوسي أنه "يجب أن نتوقع في العراق تصعيد كبير واستهداف إسرائيلي لأهداف إيرانية داخل العراق والحكومة والإطار يعلمون ذلك".