هزَّ مقتل منسق "القوات اللبنانية" في منطقة جبيل (شمال لبنان)، باسكال سليمان، الرأي العام، وأشعل غضب الشارع اللبناني عمومًا والمسيحي خصوصًا، بعد 24 ساعة على اختطافه، رغم انتشار أخبار مسبقة تفيدُ بأنه بخير.
وأوقفت السلطات اللبنانية سبعة سوريين، يُشتبه في ضلوعهم بمقتل المسؤول في حزب القوات اللبنانية، الذي عُثر على جثته في سوريا.
وتعددت الروايات حول تفاصيل الجريمة.
رواية الجيش
بحسب بيان قيادة الجيش اللبناني، "قُتل منسق حزب القوات اللبنانية في منطقة جبيل، باسكال سليمان، المخطوف منذ الأحد، من قبل الخاطفين، أثناء محاولتهم سرقة سيارته في منطقة جبيل، ثم قاموا بنقل جثته إلى سوريا".
وقالت القيادة: "تمكنت مديرية المخابرات في الجيش من توقيف معظم أعضاء العصابة السوريين المشاركين في عملية الخطف، وتبين خلال التحقيق معهم أن المخطوف قتل من قبل خاطفيه".
وتابعت: "تنسق قيادة الجيش مع السلطات السورية لتسليم الجثة، وتستكمل التحقيقات بإشراف النيابة العامة التمييزي".
كما أعلن المكتب الاعلامي لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، في بيان، أن "ميقاتي تبلغ مساء الاثنين من الأجهزة الأمنية المعنية نبأ مقتل المسؤول في حزب القوات اللبنانية الذي كان خطف مساء الأحد".
وأشار ميقاتي، إلى أن "الأجهزة الأمنية كانت باشرت منذ انتشار نبأ اختطافه تحرياتها واستقصاءاتها لكشف الفاعلين والضالعين في الجريمة واعادة المخطوف إلى عائلته سالما، لكن يبدو أن الجهات الخاطفة التي تستمر التحقيقات لكشف كامل هويتها، عمدت الى تصفيته".
وتحدثت أيضًا معلومات أمنية عن "وجود أربعة موقوفين رئيسيين في الجريمة، ويُعتقد أنهم جزء من عصابة متخصصة في سرقة السيارات، حيث تتوزع أدوار أفراد العصابة بين المراقبة والسرقة ونقل المسروقات إلى سوريا. وعملية خطف سليمان تمت ضمن سياق عمليات السرقة التي يُنفّذها اللصوص، حيث قاموا بقطع الطريق أمام سيارته، وعندما حاول المقاومة تعرض للضرب على رأسه، مما أدى إلى فقدانه الوعي وانتقاله مع اللصوص إلى الأراضي السورية".
وذكر الموقوفون أن هدفهم كان "سرقة السيارة دون قصد قتل سليمان، إلا أن التداعيات أدت إلى وفاته ونقل جثته مع السيارة إلى الداخل السوري".
"لتحقيق واضح"
لكن من جهة أخرى، صدر عن الدائرة الإعلامية في حزب "القوات اللبنانية" بيان جاء فيه: "بعد أن تبلغنا بأسف شديد ووجع كبير وغضب لامتناهٍ نبأ استشهاد رفيقنا العزيز والغالي باسكال سليمان، نطلب من الأجهزة الأمنية والقضائيّة التحقيق الجدّي والعميق مع الموقوفين في هذه القضية، لتبيان خلفيتها الحقيقيّة. إنّ ما سرِّب من معلومات حتى الآن عن دوافع الجريمة لا يبدو منسجماً مع حقيقة الأمر، إنما نعتبر استشهاد الرفيق سليمان عملية قتل تمّت عن عمد وعن قصد وعن سابق تصور وتصميم، ونعتبرها حتى إشعار آخر عملية اغتيال سياسية حتى إثبات العكس".
وأكدت في بيان آخر، أنّ "التحقيق في هذه الجريمة يجب أن يكون واضحًا وشفافًا وعلنيًّا وصريحًا ودقيقًا بوقائعه وحيثيّاته، وحتى صدور نتائج هذا التحقيق نعتبر أنّ باسكال سليمان تعرّض لعملية اغتيال سياسيّة".
وتابعت: "في كافة الأحوال، ما يجب التشديد والتأكيد والتركيز وتسليط الضوء عليه هو أنّ ما أدى إلى عملية الاغتيال هذه بغض النظر عن خلفياتها عوامل جوهرية وأساسية:
- العامل الأول يتمثّل بوجود "حزب الله" بالشكل الموجود فيه بحجة ما يسمى مقاومة أو حجج أخرى، وهذا الوجود غير الشرعي للحزب أدى إلى تعطيل دور الدولة وفعالية هذا الدور، الأمر الذي أفسح في المجال أمام عصابات السلاح والفلتان المسلّح. فالمشكلة الأساس إذًا تكمن في جزيرة "حزب الله" المولِّدة للفوضى، وما لم يعالَج وضع هذه الجزيرة، فعبثًا السعي إلى ضبط جزر الفلتان. فهذه العصابات موجودة ولكنها تتغذى من عامل تغييب الدولة.
- العامل الثاني يتمثّل بالحدود السائبة التي حولها "حزب الله" إلى خطّ استراتيجي بين طهران وبيروت تحت عنوان وحدة الساحات فألغى الحدود، وما لم تُقفل المعابر غير الشرعية وتُضبط المعابر الشرعية فستبقى هذه الحدود معبرًا للجريمة السياسيّة والجنائيّة وتهريب المخدرات والممنوعات، وبالتالي مَن يُبقي الحدود سائبة و"فلتانة" هو المسؤول عن الجرائم التي ترتكب إما بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر.
- العامل الثالث يتمثّل في "خصي" إدارات الدولة القضائية والأمنية والعسكرية وغيرها من خلال منعها من العمل في مناطق معينة، أو في قضايا معينة، أو في أي أمر يتعلق بأي شخص ينتمي إلى محور الممانعة".
وختامًا، أكدت الدائرة الإعلامية أنّها "تنتظر انتهاء التحقيق وبأسرع وقت لتبني على الشيء مقتضاه، ولكنها في الوقت نفسه تدعو اللبنانيين إلى مواصلة النضال سعيًا إلى إنهاء مسبِّبات الاغتيال والجرائم على أنواعها، الأمر الذي يستحيل تحقيقه إلا من خلال العبور إلى الدولة الفعلية التي تبسط فيها وحدها سيادتها على كل أراضيها، والتي لها وحدها حصرية السلاح، وليس محرَّمًا عليها لا الدخول إلى أي منطقة تريد، ولا التحقيق في أيّ أمر تريده".
موجة غضب عارمة
وعلى خلفية هذه الجريمة المروّعة، شهدت البلاد منذ مساء الإثنين، موجة غضب عارمة ضد اللّاجئين السوريين.
وانتشرت مقاطع مصورة على مواقع التواصل الاجتماعي، تظهر تعرض اللاجئين السوريين في لبنان إلى حملات اعتداء وضرب من قبل مواطنين غاضبين.