مع قرار المحكمة الاتحادية في العراق بتعليق "مؤقت" لترشيح أحد أبرز الأسماء المطروحة لمنصب رئيس الجمهورية العراقية هوشيار زيباري على خلفية اتهامات فساد، شهدت عملية الإنتخابات الرئاسية التي كانت مقررة الإثنين، تطورات نوعية ما يعرضها لخلط أوراق من جديد.
وهذا القرار هو ثاني نكسة يتلقاها السياسي المخضرم البالغ من العمر 68 عاما خلال يومين، اذ يأتي بعد قرار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر سحب دعمه لترشيحه على خلفية اتهامات الفساد التي يؤكد زيباري أنها بقيت في إطار المزاعم ولم تتم إدانته بها.
وهذه الأحداث تضع العراق على أعتاب فراغ دستوري خطير وتفتح الإحتمالات أمام أول خرق للدستور في إطار الأزمة السياسية الحالية، خصوصاً وان آخر مهلة لانتخاب رئيس جديد للبلاد تصادف الاثنين.
لا جلسة
و توقع الخبير القانوني العراقي أمير الدعمي، في حديث لـ"جسور"، "إلغاء جلسة الإثنين لعدم إكتمال النصاب في الجلسة البرلمانية".
وأشار إلى أنه "بذلك سيكون قد تم خرق المادة 72 من الدستور العراقي التي تنص على استمرار رئيس الجمهورية بممارسة مهامه إلى ما بعد انتهاء انتخابات مجلس النواب الجديد واجتماعه، على أن يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلال ثلاثين يوماً من تاريخ أول انعقاد له".
ولفت الدعمي إلى أن "جلسة الاثنين أصبحت من الماضي، وهذه ليست المرة الاولى التي يُخرق فيها الدستور"، مضيفاً "أتوقع أن يتم تحديد موعد لجلسة ثانية، ولكن لو كنا في دولة كالدول التي تحترم شعوبها ودساتيرها لكان رئيس الجمهورية طالب بحل البرلمان على اعتبار أنه لم يتم اختيار رئيس وفق المهل القانونية".
ضغوط إيرانية
من جهته، اعتبر المعارض السياسي العراقي أحمد الأبيض، في حديث لـ"جسور"، أن "الموقف الذي اتخذه الصدر كان متوقعاً، فهو لا يثبت على رأي ويبدو أنه تعرّض لضغوط من إيران وحلفائها".
وقال الأبيض، "نحن كمعارضين سياسيين نعتبر أن هذا النظام الذي تحكمه العصابات الفاسدة أصبح ميتاً سريريّاً، وكل ما يحصل هو من تداعيات الخراب"، متوقعاً ألا تُعقد جلسة الاثنين بسبب مقاطعة أكثر من نصف نواب البرلمان لها.
كما استبعد أن "تُعقد جلسة أخرى في المدى المنظور، الأمر الذي سيؤخر تشكيل الحكومة الجديدة وسيُغرق الشعب العراقي في أزمات أكبر، خصوصاً وأن لا موازنة".
وأضاف: "إذا فَشِلَ البرلمان الحالي بتشكيل الحكومة التي تبدأ برئيس الجمهورية، هناك تفسير قانوني يلزم إلغاء نتائج الإنتخابات النيابية وإجراء انتخابات مبكرة أخرى بحلول 45 يوماً أي بحلول الأول من نيسان تقريباً".
اتهامات بالفساد
وبناء على دعوى مقدّمة من أربعة نواب، قررت المحكمة الاتحادية العراقية، وهي أعلى هيئة قضائية في البلاد، "إيقاف إجراءات انتخاب هوشيار زيباري موقتا لحين حسم دعوى" رفعت بحقّه تتصّل باتهامات بالفساد موجهة إليه.
ورأى رافعو الدعوى أن زيباري، أحد أبرز الوجوه السياسية الكردية في العراق خلال حقبة ما بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003، لا يلبّي الشروط الدستورية لتولي منصب رئيس الجمهورية، ومنها أن يكون "حسن السمعة والاستقامة"، بحسب نسخة عن نصّ الدعوى وقرار المحكمة اللذين نشرتهما وكالة الأنباء العراقية الرسمية.
كما تطرقت الدعوى الى قضيتين على الأقل يرتبط بهما الوزير السابق، لا سيما خلال فترة توليه وزارة الخارجية.
وتحدث المتقدّمون بالدعوى عن وجود "قضية تحقيقية أخرى" على خلفية قيام زيباري "باستغلال نفوذه وسلطته من خلال صرف مبالغ طائلة على عقار لا يعود الى الدولة".
وأثارت الشبهات بتورّط زيباري في نشاطات فساد غضب جزء من الرأي العام في الأيام الأخيرة، ما يتسبب بحرج للصدر الذي يقدّم نفسه على أنه مناهض للفساد.
وأعلن الزعيم الشيعي مقتدى الصدر سحب دعمه لزيباري. وكتب على تويتر "إذا لم يكن مرشح الحزب الديمقراطي الحليف لرئاسة الجمهورية مستوفيا للشروط، فأدعو نواب الاصلاح لعدم التصويت له".
اجتماع ببإطار التنسيقي
وتعتزم قوى الإطار التنسيقي عقد اجتماع مهم، مساء الأحد، من أجل مناقشة جلسة البرلمان العراقي المخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية الجديد.
وقال القيادي في الإطار النائب أحمد الموسوي، في حديث صحفي، إن "قوى الإطار التنسيقي ستناقش قضية مشاركة الإطار التنسيقي في جلسة البرلمان المخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية او مقاطعة الجلسة".
وأضاف "نحن ننتظر ما سيصدر من قرار بعد انتهاء اجتماع قادة الإطار التنسيقي".
ويتنافس نحو 25 شخصا على منصب رئاسة الجمهورية العراقية، الا أن المنافسة تنحصر فعليا بين اثنين هما هوشيار زيباري والرئيس الحالي برهم صالح.
وينتمي السياسيان الى الحزبين الكرديين المتنافسين على النفوذ في إقليم كردستان، أي الاتحاد الوطني الكردستاني (صالح) والحزب الديموقراطي الكردستاني (زيباري).
وشغل زيباري مناصب وزارية عدة بين العامين 2003 و2016، أبرزها الخارجية لزهاء تسعة أعوام بين 2005 و2014.