يبدو أن الثقة مهتزّة في البنوك الإقليمية الأميركية بعد ثلاث حالات إفلاس في الأيام الأخيرة لبنك سيليكون فالي وبنك سيغناتشر وبنك سليفرغايت، فهل يتكرر سيناريو 2008؟
في أيلول 2008، انفجرت أزمة مالية عالمية بدأت أولاً بالولايات المتحدة الأميركية ثم امتدت إلى دول العالم التي يرتبط اقتصادها مباشرة بالاقتصاد الأميركي.
واليوم وبعد خمسة وعشرين سنة على هذه الأزمة العالمية، أغلقت السلطات الأميركية بنك سيليكون فالي الجمعة الماضي، ووضعته تحت سلطة وكالة تأمين الودائع الفيدرالية، ولحقها مصرف "سيغناتشور" و"سليفرغايت"، في خطوة أثارت مخاوف داخل الولايات المتحدة وخارجها من امتداد أثر الأزمة إلى الاقتصادات ككل.
فهل تنتشر العدوى؟ وهل الدولار الأميركي لا يزال ملاذا آمناً؟
تسريع الانهيار
وفي السياق، اعتبر الاستاذ محاضر في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور منير راشد في حديث لـ"جسور" أن أزمة الـ2008 واسعة جدا وضحيتها كان القطاع العقاري أما اليوم فما حصل في مصرف سيليكون فالي على صلة باستثماراته فهو أقرض الشركات الناشئة بالسندات الحكومية والبلديات طويلة الأمد للفوائد العالية، وعليه حين ترتفع الفوائد على هكذا سندات يخسر المصرف وهو ما أدى فعلاً الى خسارات ضخمة وأزمة سيولة فحاول اللجوء الى الدين من السوق لكن ومع تداول المعلومات عن تعثره أتت ردّة فعل المودعين بسحب أموالهم بما يوازي 48 مليار دولار خلال يومين مما أنهى السيولة لدى البنك".
ويشير راشد الى أن انهيار السيليكون فالي سرّع بانهيار مصرف سيغناتشور وسينعكس على المصارف الشبيهة.
ويلخّص الخبير الاقتصادي الازمة بالقول: "لا ادارة جيدة واستثماراته في خطر والتساؤل الكبير الحاصل عن دور الـfederal reserve Bank الذي لم يسارع لاحتواء الازمة.
حفظ الثقة والودائع!
بدوره، يقول الخبير المالي نيكولا شيخاني في حديث لـ"جسور" ان سيليكون فالي بنك من بين الأهم في العالم وشركات التكنولوجيا تضع أموالها فيه وانهياره يضرب القطاع التكنولوجي بقوة في أميركا فضلا عن حدوثه Bank run على المصارف الأخرى في أميركا بمعنى أن المودعين يسحبون ودائعهم وينهار القطاع المصرفي والاقتصادي الاميركي بليلة واحدة مثل عام 1929".
لكن شيخاني يعوّل على قرار هيئة ضمان الودائع الـFDIC والـFED والخزانة الأميركية بقرارهم المهم جدا بضمان الودائع كليا بحيث سينقذ هذا القرار الاقتصاد الأميركي بضربة واحدة"، ويقول: " حافظت الادارة الأميركية بذلك على الثقة وعلى الودائع واقتصاده".
القطاع المالي بدأ يهتزّ
ويرى شيخاني ان "الحادث غير عابر ويُظهر خوفا متعاظماً على الاقتصاد المالي العالمي خصوصا بعد الحرب الاوكرانية المُكلفة جدا والتي أدخلت العالم والأوروبيين بانكماش فضلا عن المشاكل مع الصين ما يعني أن العالم يغلي والقطاع المالي بدأ يهتزّ والسيليكون فالي من أولى علامات الخطر". ويُنبّه شيخاني الى انه ينبغي على أميركا والـG20 الاجتماع لمناقشة اقتصاده قبل الخوض في حروب عشوائيًا".
هل الدولار بمأمن؟
ويؤكد شيخاني أن "الدولار بأمان لأنه مرجعيّة ويُباع البترول عالميا بالدولار الأميركي وجميع السلع تباع بالدولار كالقمح والطحين والزيت مثلا والحديد والنحاس، حيث أن الدولار لا يزال عملة مرجعية وهو يحافظ على قوّته بمحافظة أميركا على اقتصادها.
ويؤكد شيخاني أن خضة سيليكون بانك وسقوط الأسواق المالية تكشف خطورة غير مسبوقة ومن الممكن ان تصبح أزمة عالمية كما حصل في الـ2008 والـ2001 والـ1929 انما القرار في أميركا كان سريعا وحدّ من تداعيات الموضوع."
وسريعاً، اتخذت السلطات الأميركية العديد من الإجراءات خلال نهاية الأسبوع لمحاولة استعادة الثقة في النظام المصرفي الأميركي وتجنب عمليات السحب الضخمة للودائع التي قد تزيد من إضعاف هذه المؤسسات.
من بين الإجراءات التي تم الإعلان عنها ضمان السلطات خصوصا سحب جميع الودائع من بنك سيليكون فالي المفلس.
كما وافق الاحتياطي الفدرالي الأميركي على إقراض الأموال اللازمة لبنوك أخرى قد تحتاجها لتلبية طلبات السحب من عملائها.