تنافس شديد في العراق على الفوز بمقاعد مجالس المحافظات في الانتخابات التي يفترض أن تجري يومي 16 و18 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، بعد انقطاع 10 سنوات بسبب الحرب والاحتجاجات.
تنافس تستخدم فيه الوسائل المشروعة وغير المشروعة للظفر بمقاعد المحافظات التي تبلغ 275 معقداً موزعاً على 15 محافظة، حيث يستثنى إقليم كردستان الذي ستحصل انتخاباته في شباط/ فبراير المقبل.
واحدة من وسائل الترويج للانتخابات، والتي قد تعد بحسب مراقبين، بأنها "استخدام سيء للسلطة" أو "تضارب مصالح"، هي ترشيح أولاد وأزواج وأشقاء نواب حاليين في البرلمان.
ويقدم نحو 50 مسؤولاً أقاربهم في الانتخابات، حيث يضعون صور المرشحين "غير المعروفين للجمهور" في الشوارع إلى جانب قريبه النائب أو زعيم الكتلة.
وترى الأوساط السياسية أن انتخابات مجالس المحافظات، ستحدد مسار المرحلة المقبلة للعملية السياسية، لأنها ستحصل وفق قاعدة "سانت ليغو" الانتخابية، وهي نظام لاحتساب أصوات الفائزين يصعِّب من إمكانات فوز القوائم الصغيرة أو المستقلة.
كما أن أعضاء مجالس المحافظات الفائزين سيحصلون على امتيازات ومبالغ مالية تقدر سنوياً بنحو 20 مليون دولار التي قد تساعد في تمويل الاحزاب.
وبحسب مفوضية الانتخابات العراقية، فإن التصويت في الانتخابات سيبدأ فعلياً في 16 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، وسيكون مخصصاً حصراً لتصويت القوات الأمنية والنازحين.
في حين سيكون إجراء التصويت العام لباقي المواطنين يوم 18 من الشهر نفسه، إذ يحق لنحو 16 مليون ناخب بالتصويت.
وأعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في حزيران/ يونيو الماضي، عن إجراء الانتخابات المحلية في أعقاب تعهده بتنفيذ الانتخابات خلال تسلمه رئاسة الحكومة نهاية العام الماضي.
ويبلغ عدد المرشحين الكلي للانتخابات 6022 موزعين على 38 تحالفاً، فيما يبلغ عدد التحالفات والأحزاب والأفراد 163، إذ بلغ عدد المرشحين للتحالفات 4223 وعدد المرشحين للأحزاب 1729 وللأفراد 70 فرداً.
في المقابل يبلغ عدد المرشحين من المكون المسيحي 16 مرشحاً، و10 مرشحين للصابئة المندائيين، وللأكراد الفيليين 13 مرشحاً، ولمكون الشبك 5 مرشحين، وللأيزيديين 4 مرشحين.
ومن المؤمل أن يشارك 87 مراقباً دولياً في الانتخابات، وأكثر من 33 ألف مراقب محلي، وأكثر من 5 آلاف من وكلاء الأحزاب، و95 وسيلة إعلام عربية ودولية، بحسب بيانات المفوضية.
واللافت في هذا الموسم من الانتخابات كثرة أقارب المسؤولين، بحسب ما جاء في قوائم المرشحين التي نشرتها المفوضية المستقلة للانتخابات قبل أسابيع قليلة.
حيث يقدم فالح الفياض رئيس الحشد الشعبي، والقيادي البارز في الإطار التنسيقي الشيعي الذي يقود الحكومة، اثنين من أقاربه لشغل مقاعد بغداد.
والفياض هو جزء من تحالف "نبني" الذي يتزعمه رئيس "منظمة بدر" هادي العامري، ويشارك فيه أغلب قوى الحشد، والفصائل المكونة لـ"الإطار التنسيقي".
بدوره يقدم نجم الجبوري، نجله مهند الجبوري بديلاً منه في الانتخابات. ونجم الجبوري محافظ نينوى السابق استقال مؤخراً من منصبه معترضاً على شموله بإجراءات "هيئة المساءلة والعدالة" التي تتولى عملية اجتثاث حزب البعث المحظور.
ويترأس الجبوري الابن قائمة "نينوى لاهلها"، وهي قائمة تشارك بالانتخابات لأول مرة وتابعة للمحافظ السابق، وهو جنرال شارك معركة تحرير الموصل من "داعش" في عام 2017.
والقائمة ذاتها هي بالشراكة والمناصفة بين الجبوري الأب وثابت العباسي وزير الدفاع الحالي، وهو زعيم قائمة أخرى وهي "تحالف العزم" التي تضم جزءاً من القوى السُنية، وتشارك كذلك بالانتخابات.
وعلى غرار نجم الجبوري، يقدم العباسي نجله حسان ثابت إلى الانتخابات المحلية، ويأتي في الترتيب الثاني بعد الجبوري الابن في قائمة "نينوى لاهلها".
وفي سياق المحافظين، يعود اسم أثيل النجيفي محافظ نينوى الأسبق، إلى الواجهة عبر ترشيح نجله عبدالله النجيفي. وأثيل شقيق أسامة النجيفي رئيس البرلمان الأسبق.
والنجيفي الأب كان أقيل في عام 2015 من منصبه بتصويت البرلمان في جلسة صاخبة شهدت عراكاً بالأيدي بين النواب.
وجاءت الإقالة بناءً على طلب رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، بسبب تصريحات للنجيفي خلال زيارته العاصمة الأميركية واشنطن، اتهم فيها الحكومة العراقية بالمسؤولية عن سقوط المحافظة في يد "داعش".
ويرشح النجيفي نجله ضمن قائمة سُنية جديدة تحت اسم "تحالف الحسم"، وتضم قيادات تقليدية مثل النجيفي الشقيق الأكبر، ورافع العيساوي وزير المالية الأسبق، وزعيم "حزب الحل" جمال الكربولي.
أما عن الأشقاء، فكان من الغرابة أن يقدم سلام الشمري، وهو قيادي ونائب سابق في التيار الصدري، بزعامة مقتدى الصدر، شقيقه إلى الانتخابات على الرغم من قرار "الصدر" بمقاطعة الانتخابات.
الشمري الشقيق الأصغر للنائب الذي استقال صيف 2022 من البرلمان، بطلب من زعيم التيار اعتراضاً على التدخلات الإيرانية في تشكيل الحكومة آنذاك، قدم ترشيحه في محافظة بابل، جنوب بغداد، ضمن قائمة جديدة تابعة للإطار الشيعي.
والقائمة الجديدة التي يطلق عليها اسم "تحالف الأساس" هي برئاسة محسن المندلاوي، رئيس البرلمان الحالي بالإنابة، بعد عزل الرئيس محمد الحلبوسي بقرار قضائي، وهو قيادي بارز في الإطار التنسيقي ومقرب من بعض الفصائل.
وفي إطار الحديث عن الفصائل، فإن نائباً آخر في ديالى، شرق بغداد، يقدم شقيقه الذي كان اعتقل قبل 8 أشهر في المدينة بسبب تهم إرهاب.
ويترشح صباح الزيني عن قائمة "الأساس" أيضاً. والزيني كانت سُربت له صور في أذار/ مارس الماضي، بالملابس الداخلية وهو معتقل بتهمة الإرهاب قبل أن يطلق سراحه بعد ذلك.
والمرشح صباح هو مسؤول استخبارات اللواء 24 في الحشد الشعبي (منظمة بدر)، بحسب بعض التسريبات، وشقيق النائب عن ديالى صلاح الزيني عن "الأساس" كذلك.
على ضفة أزواج المرشحين، فتقدم نورس العيسى النائبة عن "تحالف السيادة" بزعامة السياسي السُني خميس الخنجر، زوجها للانتخابات المحلية، وهو لؤي مطلك عن القائمة ذاتها في ديالى، شرق بغداد، والاثنان يضعان صورهما معاً في الدعايات الترويجية في الشوارع.