تفلتت على ما يبدو زمام سيطرة الإطار التنسيقي الشيعي على الحكومات المحلية بسبب ما حدث في محافظة صلاح الدين، شمال بغداد.
وكان "الإطار" قد حصل في انتخابات مجالس المحافظات على أكثر من نصف المقاعد في 15 محافظة التي جرى فيها الاقتراع، باستثناء كردستان العراق.
وعلى ضوء تلك النتائج قرر التحالف الشيعي عدم التجديد لأي محافظ سابق بما فيهم المحافظين الذين حصلوا على أعلى النتائج في الانتخابات.
لكن ما جرى هو عكس الاتفاق حيث تم منح ولاية ثانية لثلاثة محافظين؛ في البصرة، واسط، وكربلاء، بسبب "غدر الحلفاء" في صلاح الدين، بحسب وصف أحد الأحزاب الشيعية.
وحتى الآن حسم تشكيل 11 حكومة محلية من أصل 15، شهد بعضها انسحابات لأحزاب وتدخل للقوات الأمنية لفك الاشتباكات بين القوى السياسية داخل المجالس المحلية.
واستطاعت قوى الإطار التنسيقي أن تسيطر بشكل مباشر على إدارة 5 حكومات محلية، و6 رئاسات مجالس.
وحقق تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم مفاجأة في هذه الدورة حيث حصل لوحده على حكومتين محليتين وإدارة مجلس محافظة ثالثة.
كذلك حصل تيار أحمد الأسدي وزير العمل، على رئاسة ثلاث محافظات لأول مرة، وتحالف رئيس الحشد فالح الفياض على رئاسة مجلس محافظة واحدة.
وتمكن تيار قيس الخزعلي، زعيم العصائب من إدارة محافظة واحدة ورئاسة مجلس واحد، فيما حصلت "الفضيلة" على منصب محافظ واحد.
بداية الخلاف
هذه التشكيلية الأخيرة لم تكن بهذه الصيغة قبل يوم الأحد الماضي، حيث فجر انتخاب أحمد الجبوري المعروف بـ"أبو مازن" لإدارة حكومة صلاح الدين الخلاف داخل الإطار التنسيقي.
وأعلن ما يعرف بـ"مجلس شيوخ عشائر بلد"، وهي بلدة في جنوب صلاح الدين أغلب سكانها من الشيعة، مع مجموعة من أنصار أحزاب "الإطار" هناك، رفضهم لانتخاب (أبو مازن).
وطالب المجلس في بيان، تلاه عدد من أعضائه، خلال مؤتمر صحافي، الرئاسات الأربع: (الجمهورية والوزراء والبرلمان والقضاء)، بالتدخل لإعادة انتخاب رئيس مجلس: صلاح الدين والمحافظ. كما طالبوا باستحداث محافظة "جنوب صلاح الدين".
وأصدرت بالمقابل كتلة "الإطار الوطني" يتزعمها الخزعلي في صلاح الدين، بيانًا شديد اللهجة على خلفية تشكيل حكومة صلاح الدين المحلية، شكت فيه ما وصفته: بـ"الطائفية وغدر الحلفاء".
وأشارت إلى أنها تحتفظ بالحق في اتخاذ الإجراءات القانونية تجاه المخالفات القانونية التي ارتكبت في إدارة الجلسة واختيار شخصيات غير مؤهلة قانونا لاستلام المناصب.
وحرمت كتلة الخزعلي، حسب التقسيم الأخير لحكومة صلاح الدين، من أي منصب فيما كانت في السنوات الماضية، قد شغلت الكتلة منصب نائب المحافظ.
وتوعد النائب عن كتلة "الصادقون" التابعة لـ(عصائب أهل الحق) بزعامة الخزعلي، محمد البلداوي، عقب انتخاب أبو مازن، بكشف الأوراق، وقال إن: "الوجوه ستسود، ولا مكان للفاسدين والخونة في صلاح الدين".
وصوت "مجلس محافظة صلاح الدين"، الأحد الماضي، على رئيس حزب (الجماهير)، النائب أحمد عبد الله الجبوري (أبو مازن) رئيسًا للحكومة المحلية في المحافظة، بعد أن أنتخب: عادل عبد السلام، رئيسا لمجلس المحافظة، وهو من تحالف "حسم" بزعامة وزير الدفاع ثابت العباسي، واحد خصوم رئيس تحالف "تقدم" ورئيس البرلمان المبعد محمد الحلبوسي .
ويبدو "سيناريو" صلاح الدين كان متعلقا باتفاق آخر في العاصمة بغداد، حيث تحصل إحدى القوى الشيعية على منصب المحافظ هناك، مقابل إعطاء شريك "حسم" منصب رئيس المجلس.
وكانت أجنحة داخل "الإطار" قد حاولت تعطيل حسم تسمية المناصب المحلية لحين الانتهاء من تسمية رئيس البرلمان بسبب وجود توافقات في المدن المختلطة مثل ديالى وبغداد.
ويبدو أن "انهيارًا" قد حدث في تلك التوافقات، بحسب نواب في التحالف الشيعي، أدى إلى أن يفلت زمام الأمور في بعض المحافظات.
وحصل الاتفاق في بغداد بين دولة القانون بزعامة نوري المالكي، وتحالف العزم برئاسة النائب مثنى السامرائي وهو في معسكر واحد مع ثابت العباسي ضد الحلبوسي، لتقاسم منصبي المحافظ ورئيس المجلس.
وذهب منصب المحافظ إلى عبد المطلب العلوي عن ائتلاف المالكي (9 مقاعد) بدلاً عن محمد جابر عن ذات الائتلاف، والذي خسر في الانتخابات المحلية الأخيرة.
وحصل عمار القيسي عن "عزم" (4 مقاعد) وشقيق النائب عن الكتلة نفسها محمود القيسي على رئاسة مجلس بغداد.
وكان من المفترض، بحسب التسريبات، أن تتشارك منظمة بدر بزعامة هادي العامري منصب المحافظ مع تحالف تقدم (محمد الحلبوسي) رئاسة المجلس في بغداد، في اتفاق "السلة الواحدة" بين الحكومات المحلية ورئاسة مجلس النواب.
ويدعم العامري مرشح الحلبوسي لرئاسة البرلمان، والمالكي يدعم مرشح "عزم"، لكن الاتفاقات تعطلت بسبب تأخر حسم المحكمة الاتحادية قانونية جلسة سابقة للبرلمان بهذا الشأن.
الانتقام...
وردًا على ما جرى في صلاح الدين، حدث الانهيار الأكبر على ما يبدو للاتفاقيات الشيعية في البصرة، حيث انشق 3 أعضاء في المجلس الجديد عن قرار الإطار التنسيقي في "مقاطعة الجلسة"، ليعاد انتخاب أسعد العيداني لولاية ثانية.
وحضر في بداية الجلسة تحالف العيداني (تصميم)، (12) مقعدا فقط، قبل أن يلتحق خلف البدران عن بدر، والذي انتخب بعد ذلك رئيسا للمجلس، وإيمان المالكي عن دولة القانون (نوري المالكي)، وعلي شداد عن تيار الحكمة (عمار الحكيم).
وكان قرار سابق للإطار شدد على منع التجديد لأي محافظ، فيما يبدو أن القرار لم يكسر فقط في البصرة!
وقال النائب مصطفى سند، القريب من "الإطار"، إن انهيار توافقات التحالف الشيعي في إحدى المحافظات "دفع بالأطراف الأخرى إلى الانتقام في مدن في البصرة وواسط وكربلاء".
في محافظة واسط أعيد انتخاب محمد المياحي ، القريب من الصدريين، لولاية ثانية لإدارة المحافظة، وعلي حسين عن كتلة سند (أحمد الأسدي) على رئاسة المجلس.
وكذلك تكرر الأمر في كربلاء، حيث أعيد انتخاب المحافظ نصيف الخطابي، القريب من المالكي، وذهبت رئاسة المجلس إلى قاسم اليساري عن كتلة سند.
وفي النجف تخلص "الإطار" من عقدة منصب الصدريين، حيث استطاع أن يستبدل ماجد الوائلي القريب من مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري، بـ "يوسف كناوي" عن تيار الحكمة (عمار الحكيم)، وحصلت دولة القانون على رئاسة المجلس وذهبت لـ"حسين العيساوي".
وفي ذي قار حصل الحكيم على إدارة ثانية بواسطة مرتضى الإبراهيمي، وعبد الباقي العمري لرئاسة المجلس عن كتلة سند، فيما كان المحافظ السابق محمد الغزي يعد قريبا من الصدريين.
أما في بابل فقد قاطع عدد من الأعضاء المنتمين لقوائم صغيرة الجلسة، لكن أحمد وتوت العضو الفائز عن تحالف الأساس (محسن المندلاوي رئيس البرلمان بالوكالة وقيادي شيعي بارز) خالف قرار المقاطعة وحقق النصاب.
وحصل في بابل النائب عدنان فيحان (عصائب) عن منصب المحافظ، وأسعد المسلماوي عن تيار الحكمة على رئاسة المجلس.
وفي المثنى عاد حزب الفضيلة ليحصل على منصب المحافظ هناك وذهب لـ"أحمد العتابي"، فيما حصلت العصائب على رئاسة المجلس الذي اختار أحمد دريول.
وبقي من المحافظات التي تقع تحت نفوذ قوى "الإطار" التي لم تحسم حتى الآن، محافظة ميسان، وهي معقل مهم للصدريين، حيث تشهد توترًا أمنيًا عقب اغتيال أحد قيادات العصائب هناك.
إضافة إلى محافظة الديوانية، التي رفعت جلسة مجلس المحافظة إلى إشعار آخر، وديالى والتي لا تختلف كثيرًا عن بغداد بسبب الاختلاط المذهبي.
هدوء وانتظار
سارت جلسة اختيار الحكومة المحلية في الأنبار ذات الأغلبية السنية بهدوء حيث سيطر الحلبوسي (تقدم) على منصبي المحافظ الذي أسند لـ"محمد الكربولي" مدير مكتب الأول، ورئيس المجلس لـ"عمر الدليمي".
وكذلك في نينوى حيث أعيد انتخاب عبد القادر الدخيل لولاية ثانية، وكان قد استلم منصبه قبل وقت قصير عقب استقالة سلفه أحمد الجبوري. ودخيل هو من نفس كتلة الجبوري (نينوى لأهلها).
بالمقابل حصل أحمد الحاصود عن تحالف العقد بزعامة فالح الفياض رئيس الحشد، على منصب رئيس المجلس.
إلى ذلك لاتزال الأمور معلقة حتى اللحظة في مجلس محافظة كركوك، حيث يقاطع العرب والتركمان الجلسات هناك، فيما ينتظر الكرد مع صاحب كوتا المسيحيين لوحدهم بالمجلس.