بين تحديات لبنان اليومية، و"حرب الحدود " التي فرضت مآسيها على اللبنانيين، يشع رمضان هذا العام ببريق أكبر من أي وقت مضى في معظم المناطق اللبنانية والمدن الرئيسية، وتنبعث من أجواء شهر الصيام حالة من الدفء والحيوية في محاولة لإيجاد الفرح على الرغم من الصعاب ".
أكثر من مشهد في رمضان لهذا العام، ففي المناطق التي تتعرض للقصف الإسرائيلي لا شيء يشبه السنوات الماضية، تغيب الزينة عن الشوارع والمنازل وملامح الفرح غائبة عن وجه الناس.
بيوت العيد
لكن في المقلب الآخر وتحديداً في العاصمة بيروت وتحت عنوان " بيوت العيد"، تعج المدينة بالحياة بإصرار من اللبنانيين والجمعيات الأهلية على عودة الإنارة الى شوارع وأسواق العاصمة وإعادة الحركة اليها من خلال أمسيات رمضانية ليلية ومعارض أشغال يدوية ومطاعم أعدت خصيصًا لإقامة مآدب السحور الرمضاني وسط المدينة.
مشهدان مختلفان ينقلان واقع الحال وسط الظروف الصعبة التي تخيم على لبنان، بين فرحة وزينة في بيروت وطرابلس وصيدا والمدن الساحلية الرئيسية، وبين حرب حدودية فرضت على اللبنانيين وحولت بيوت معظمهم الى رماد وأدت الى نزوح عشرات آلاف العائلات منها جنوبًا.
ويقول محمد السعدي من بلدة شبعا لـ"جسور": المشهد خال من الزينة ولا نعرف متى تتعرض أطراف البلدة للقصف المفاجئ على عكس السنوات السابقة "
وقال حسن حمود من بلدة الضهيرة: "تركنا منازلنا ونعيش في أروقة مراكز الإيواء في صور، وننتظر الإفطارات الخيرية التي تصلنا من الجمعيات الأهلية والحزن يكمن في صدورنا ونتوق للعودة الى منازلنا بأسرع وقت ممكن".
ويضيف حمود وهو في الستين من عمره:" ألا تكفينا الظروف الإقتصادية الصعبة التي نعيشها منذ العام 2019؟”.. نريد الهدوء والعودة الى منازلنا فنحن ندفع ضريبة لا ناقة لنا فيها ولا جمل وأطفالنا توقفوا عن الدراسة وظروفنا باتت صعبة جدًا ولا نعرف الى متى سنبقى على هذه الحال؟".
في المقابل، رأت جهينة قبيسي التي كانت تشارك أطفالها فرحة ليالي رمضان في مهرجان "بيروت العيد" في وسط بيروت: " نحن من مدينة النبطية ونسكن في بيروت " من المؤكد أننا نتألم على أهلنا في الجنوب ونحن رغم الحرب نقصد أي مكان يبث الفرح "
وتقول قبيسي لـ"جسور": هنا الأجواء تبث البهجة، والفرحة ستبقى من سمات اللبناني أينما حلّ فنحن شعب يحب الحياة ومؤخراً بدأنا نبحث عن أي مكان يبث فينا عودة الأمل بلبنان ".
وقال سامي مرتضى من مدينة صور لـ"جسور": مما لا شك فيه أن الصراع الحالي في جنوب لبنان هو أسوأ أعمال العنف منذ حرب 2006." وأضاف: "عندنا في صور الجو كئيب ولا فسحة للفرحة أو لإقامة مهرجانات تزامناً مع الحرب التي أذت اللبنانيين في الصميم والتي فرضت على العديد من العائلات وأجبرتهم على النزوح إذ نزح أكثر من 90 ألف لبناني من الجنوب منذ أكتوبر/ تشرين الأول."
ورأى نضال الجندي من مدينة صيدا أن "أجواء رمضان جميلة في صيدا الا أن النفوس كئيبة ونحن بحاجة الى استقرار أمني واقتصادي "وتابع" تعيش صيدا في أسواقها الداخلية مهرجانات سنوية إلا أن الفرحة تنغص قلوب الرواد خصوصا الذين نزحوا من منازلهم. "
بيروت العيد
ويتمثل مشهد الفرح في احتفالية "بيروت العيد" التي تجتذب الرواد وسط العاصمة اللبنانية وتزورها الحشود ليليًا بعد الافطار.
ويوضح أحدهم فضل عدم ذكر اسمه لـ “جسور": إنهم أتوا لحضورها من مناطق مختلفة "رغم الحرب" وللاستمتاع بليالي رمضان بالترفيه والطعام وخصوصا الأنشطة المخصصة للأطفال."
وقالت مايا مسالخي لـ “جسور" نحاول أن ننسى أحزاننا ونحن بحاجة للترفيه عن أنفسنا.. نحن جميعاً في لبنان نقف مع أهلنا في قرى الجنوب ولكن ليس بيدنا حيلة وندعو الله أن يبعد الشر عن لبنان كله وعن كل البلدان وخصوصاً عن غزة".
وعن احتفالية بيروت العيد، قال أحمد غزال، الذي جاء من مدينة طرابلس شمال لبنان ليشارك في المهرجان الرمضاني “ما شاء الله مهرجان جميل جداً رغم الأوضاع التي يمر فيها لبنان والجنوب تحديداً "" ورغم الحرب نأمل أن تبقى هذه المهرجانات تنير مدننا سواء في شهر رمضان أو في المناسبات الأخرى، ولبنان بلد جميل ويبقى بالنسبة لنا من أجمل بلدان العالم".
وعن رمضان في طرابلس شمال لبنان، قال محمد علم الدين لـ"جسور" زينت ساحات طرابلس هذه السنة بفضل جهود أبنائها وجمعياتها، أما عن بلديتها فيقول عضو المجلس البلدي الدكتور باسم بخاش "الظروف صعبة والإمكانيات معدومة مشددا على أهمية المبادرات الفردية التي تصنع المعجزات.