في ظل ارتفاع مستوى التوتر الدولي، تتعرض الدول الأوروبية لتحديات أمنية متزايدة، ما يفرض عليها اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهتها.
وعاد شبح تنظيم الدولة الإسلامية ليؤرق القارة الأوروبية بشرقها وغربها، حيث أعلنت الحكومة الفرنسية، بعد ساعات على الهجوم الدموي في ضواحي موسكو، رفع مستوى التحذير من الإرهاب إلى أعلى مستوى. وفي تصريحاته يوم الاثنين، كشف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارة خارجية عن تخطيط الجماعة التي نفذت الهجوم في موسكو لارتكاب عدة عمليات في فرنسا أيضا.
بدورها، أكدت وزارة التعليم الفرنسية "أن 130 مدرسة تلقت تهديدات بهجمات منذ بداية الأسبوع الماضي".
وتبنى تنظيم "الدولة الإسلامية" ولاية خرسان الهجوم على قاعة قاعة "كروكس سيتي" في ضواحي موسكو فيما ذكرت وسائل الإعلام الروسية أن جميع المهاجمين الأربعة المشتبه بهم يحملون الجنسية الطاجيكية، علماً أن موسكو لم تعلق حتى الآن على إعلان تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عن الاعتداء واكتفت بالقول إن "التحقيقات جارية، لم تصدر بعد رواية متماسكة، نتحدث فقط عن بيانات أولية، لم تُطرح رواية بعد".
أهمية التوقيت
تنقّل التهديدات الإرهابية بين الدولتين الأوروبيتين، رغم بعدهما الجغرافي والسياسي له دلالات عديدة يؤكد الخبير القانوني في المفوضية الأوروبية الدكتور محي الدين شحيمي لـ"جسور".
ويشير في البداية إلى أن "تفجير موسكو يشبه في توقيته إلى حد بعيد، عملية تدمير البرجين في نيويورك، ومن شأنه أن يؤدي إلى خلط العديد من الأوراق كدليل قاطع أن أوروبا في شرقها وغربها، أي الاتحاد الأوروبي، على صفيح ساخن".
ويرى شحيمي أن منفذي عملية موسكو اختاروا لحظة التجديد التشريعية والرئاسية التي تشهدها العديد من الدول حول العالم وفي أوروبا للقيام بالعملية الدموية، وبشكل خاص نتيجة الفوز البوتينية التاريخية التي تفوّق فيها على ستالين معلنا، بطريقة غير مباشرة، عودة روسيا القيصرية واتجاهها إلى تصفير المعركة في أوكرانيا.
الدور الفرنسي
الصورة القاتمة والضبابية في أوروبا دفعت بالإدارة الفرنسية للعمل على تحصين الاتحاد الأوروبي، كونها أحد عرابيه الإثنين الأساسيين، إلى جانب ألمانيا، يشرح شحيمي مضيفاً "تشهد القارة استفاقة للقوميات الوطنية وتباينات حول الأزمات الدولية ومنها الحرب في أوكرانيا، إضافة إلى تفعيل سياسات الإنفاق العسكري والدفاعي، باعتبار أن الاتحاد الأوروبي مشروع للدفاع عن السلام والحفاظ على الأمن القومي الأوروبي".
ويتابع قائلاً "منذ بداية الحرب الأوكرانية، يعم القلق أوروبا الاتحادية والقارية بشكل متزايد، بسبب عودة الحرب إلى أراضيها بعد فترة من الإستقرار تلت نهاية الحرب العالمية الثانية".
وتأتي هذه التحديات الأمنية في لحظة حرجة، يردف شحيمي "مع خروج بريطانيا وارتباك ألمانيا، وظهور التيار اليميني المنادي بالانعزال في إيطاليا، ما ضاعف من عبء المسؤولية بشكل خاص على الدولة الفرنسية، وجعلها عُرضة لتداعيات غير مرغوب فيها".
الجهوزية بطريقة مختلفة
في المقابل، يؤكد الخبير في المفوضية الأوروبية أن "فرنسا مستعدة للتصدي والعمل على تعزيز صمود وتماسك القارة الأوروبية في وجه أي تهديدات مستقبلية "لكن الإشكالية تنطلق من ضرورة تصفير أي عملية استباقياً أي قبل حدوثها" مضيفاً "لا معنى هنا للجهوزية الكادرية من موارد بشرية وتجهيزات بل الأهم كيفية التعامل حسيا والتعاون على مختلف المستويات لضمان عدم حدوث أي مكروه"
ويشرح متابعا "لذلك تتعامل فرنسا بالتعاون مع الدول الأوروبية على تشبيك المعلومات وتحليلها لتفادي ما حصل في موسكو، حيث علمت السلطات بالتهديدات قبل أيام من وقوع الجريمة ولم تتحرك".