من سخرية القدر عند العراقيين، أنه كلما اقترب عيد كان القدر لهم بالمرصاد وكأن هذا الإنسان الذي عُرفت هويته منذ آلاف السنين قد كُتب عليه الشقاء ربما بتميز أكثر عن باقي البشر.
تاريخ الحوادث الدامية التي حدثت في أيامٍ كان ينتظر فيها العراقيون العيد شاهد على معاناة شعب لم يكتب له الفرح كان أكثرها دموية ما حدث في بغداد عام 2016 بمنطقة الكرادة عندما هز انفجار داخل مجمع الليث الذي كان يعج بمئات المتبضعين استعداداً لاستقبال أيام عيد الفطر غير أن الموت كان أسرع.
اليوم، يستعيد العراق ذكريات مجمع الليث وهو يعاني بمرارة وحزن فاجعة البصرة جنوب العراق ومن قتل أطفالها قبل العيد هو الفشل والفساد لتكون الغصة أكبر وأكبر على العراقيين الذين ذاقوا طعم الإرهاب المر وكادوا أن ينتهوا منه، إلا أنهم لا زالوا يتذوقون مرارة الفشل والفساد الذي تسبب بمصرع وإصابة عشرات الأطفال أمام مدرستهم الابتدائية في مدينة البصرة (بعجلات التهور) الذي ابتلي به هؤلاء الأطفال.
القصة الأليمة حدثت أثناء خروج التلاميذ من المدرسة قبل موعد الإفطار بساعات حين دهستهم شاحنة ما أدى إلى مصرع وإصابة عدد من تلاميذ كانوا يحاولون عبور الشارع للوصول الى بيوتهم.
المسؤولية القانونية
ويقول الدكتور باسل حسين رئيس مركز كلواذا معلقاً على هذه الفاجعة: "إن الفرق بين الطرق في الدول المتقدمة وللأسف في دولنا المتأخرة أو المتخلفة هي المسؤولية القانونية، حيث أنه في الدول المتقدمة تتضح هذه المسؤولية جلياً عبر مؤسسات الدولة من بلديات ودوائر مسؤولة عن الطرق، تلجأ هذه المؤسسات إلى تأثيث الشارع على نحو يضمن سلامة المواطن وعدم تعرضه لأي أذى."
ويضيف د. باسل، " أن أي تقصير من جانب هذه البلديات أو المؤسسات المسؤولة عن إدارة الطرق يكلفها الكثير في حال حدوث أي حادث والعراق بحاجة إلى قانون يشجع المواطن على مقاضاة مؤسسات الحكومة والبلديات ويلزمها دفع التعويضات في حال التقصير في أداء واجبها تجاه المواطن ما يجبرها تأثيث الشوارع لضمان أمن المواطن وسلامته ".
قد تتعدد الروايات وتوجه أصابع الاتهام الى هذا وذاك يبقى هناك واقع قائم تشوبه الكثير من الشوائب، وإذا تمت تسويته يجنب كثيرين الكأس المرة بفقدان ولد أو أب أو أم فاليوم كان الحزن على موعد مع عدد من العائلات في البصرة والمرة المقبلة لا قدر الله قد يكون دور أي شخص آخر
فالعراق الذي دخلت إليه أموال تبني بلداناً، لم يستطع بسبب فساد وفشل حكامه بناء مدارس جديدة من أجل فك الاختناق في المدارس والوجه الآخر لقبح الفساد والفشل هو بوجود مدارس على ناصية الشوارع السريعة والمكتظة بالعجلات، وهو بطبيعة الحال كان السبب وراء صرع هؤلاء التلاميذ في البصرة.
هذه المدارس التي أصبحت واقع حال لم يعمل المسؤول واجبه بتوفير الحماية اللازمة لها من حيث توفير دوريات المرور والشرطة أو توفير مجسرات المشاة بالقرب منها.