بعدما توجيه عدة رسائل إلى الدولة اللبنانية والطلب منها بضبط الهجرة غير الشرعية المنطلقة من شواطئها، من دون الحصول على استجابة فعّالة، اضطر الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس إلى حمل الملف بنفسه خلال زيارته الاثنين إلى لبنان، ووضعه مباشرة أمام رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، نجيب ميقاتي.
الزيارة، وإن تهدف إلى تعزير العلاقات الثنائية بين البلدين، إلا أنها تأتي بعد عدة أيام على تصريحات واضحة للرئيس القبرصي عبّر فيها عن قلقه من تزايد وصول المهاجرين السوريين في الأسابيع القليلة الماضية إلى الشواطيء القبرصية.
وفي وقت سابق، أبدى خريستودوليدس خلال اجتماع مع رئيسة البرلمان الأوروبي، روبرتا ميتسولا، تفهمه لما يواجهه لبنان من تحديات معلنا في المقابل أن "تصدير المهاجرين إلى قبرص لا ينبغي أن يكون الحل، ولا يمكن قبوله".
تجدر الإشارة إلى أن ملف الهجرة غير الشرعية إلى قبرص يطرح إشكالية كبيرة تتمثل في كون معظم من على متن المراكب من السوريين وليس اللبنانيين، ما دفع بالسلطات القبرصية إلى الطلب من الإتحاد الأوروبي درس إعلان أجزاء من سوريا آمنة، ما يسمح بالتالي بإعادة طالبي اللجوء الذين يصلون إلى شواطئها.
علماً أن الأشهر الأخير سجلت ارتفاعاً في أعداد طالبي اللجوء القادمين من لبنان إلى قبرص.
الإشكاليات بين لبنان وقبرص
وفي هذا الإطار يؤكد مدير مركز سيدار للدراسات القانونية محمد صبلوح لـ "جسور" أن "لبنان سبق أن وقّع اتفاقية مع وزارتي الداخلية والخارجية في قبرص تلزمه باستعادة المهاجرين اللبنانيين بطريقة غير شرعية بعد ترحيلهم".
لكن الإشكاليات التي تحصل بين البلدين، يتابع حبلص، "جاءت نتيجة وجود نحو 90% إلى 95% من السوريين على القوارب، وتمنّع لبنان عن استقبالهم بعد ترحيلهم رغم انطلاقهم من شواطئه، كما اضطرار السلطات القبرصية للرضوخ لضغط المنظمات الدولية التي تلزمها على استقبالهم باعتبار أن السوريين يحملون صفة لجوء، الأمر الذي دفع بالرئيس القبرصي للمجيء إلى لبنان كي يعالج المشكلة بشكل مباشر مع السلطات اللبنانية".
عصابات مغطاة أمنياً
في المقابل، كشف صبلوح أن المهاجرين غير الشرعيين هم ضحايا "عصابات مغطاة أمنيا وأنا مسؤول عن كلامي" مطلقاً عليهم تسمية "ضحايا قوارب الموت" ومؤكداً أن عدم جدية لبنان في التعاطي مع هذا الملف زاد من نشاط عصابات التهريب التي استغلتهم وأقنعتهم بالهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، فعلّقوا عليها آمالا كثيرة لكونهم هربوا من بطش النظام السوري ووصلوا إلى لبنان حيث مورست عليهم ضغوط عنصرية في بعض الأحيان إضافة إلى ترهيبهم بفكرة الترحيل" ومشيراً إلى أن قسماً منهم "نجح في الوصول فيما قسم لا بأس به لا يزال مفقوداً".
وأشار إلى أن القضاء بدوره لم يكن جديا بالتعاون مع هذه القضية "لأسباب أجهلها" معيداً التذكير بحادثة مركب هجرة انطلق بتاريخ 12-12-2023 على متنه 85 شخصا أبلغ عن فقدانهم جميعاً وأضاف "لقد قدمت شكوى أمام مدير عام التمييز تمت إحالتها لفرع المعلومات بهدف الحصول على الداتا فقط لا غير لأعرف آخر ظهور لهذا المركب لكن فرع المعلومات لم يكن متجاوباً بتاتاً كما لم يقم باعتقال العصابة بل اعتقل ضحية لا علاقة لها بالملف".
وأفادت مصادر حكومية أنّ الحكومة اللبنانية لم تتسلم أي بلاغ رسمي بقرار الإتحاد الأوروبي بوقف كل أشكال الدعم للبنان إذا لم يتّخذ قرارات صارمة بوقف الهجرة غير الشرعية من شواطئه نحو أوروبا، وتحديداً نحو قبرص.