و"الممرات السوداء"، كما يسميها أحد المسؤولين الأمنيين، هي تسمية تطلق على شبكة الطرق التي تستخدم في تهريب الأدوية من كردستان إلى الوسطوالجنوب عبر ديالى، وهي كل من طريق كركوك- بغداد المار بديالى، وأيضاً طريق خانقين- بعقوبة، وكذلك طريق خانقين- مندلي- كنعان- بغداد.
رئيس لجنة الصحة في مجلس ديالى السابق نجاة الطائي، أقرّت بأن "تهريب الأدوية تقوده مافيات متنفذة، للدرجة التي تحولت فيه المحافظة إلى ممر رئيس للتجارة السوداء".
وقالت الطائي لـ"جسور"، إنّ "تهريب الأدوية لا يقل خطورة عن تهريب المخدرات"، مبينة أنّ "جزءاً كبيراً من هذه الأدوية مجهول المنشأ، ما يعني بأننا أمام أدوية غير معروفة التأثير ويمكن أن تؤدي إلى عواقب وخيمة على المرضى"، مبينة أنّ "هذه المافيات تحصد مئات ملايين الدولارات شهرياً من هذه التجارة غير الشرعية".
وموضوع تهريب الأدوية هو "أحد حلقات الفساد المتراكم، والذي يعطي الأوكسجين الذي يبقي هكذا ظواهر سلبية مستمرة منذ سنوات"، بحسب الخبير الأمني أحمد التميمي.
وأوضح التميمي، لـ"جسور"، أنّ "عملية التهريب معقدة وهناك جهات عدة متورطة فيها"، مبيناً أنّ "معرفة من يقف وراء تهريب الأدوية يكمن من خلالها كشف من يهرب المخدرات وباقي الجرائم الأخرى، لأنها خيوط مرتبطة ببعضها البعض".
وقال إنّ "أرباح تهريب الأدوية تصل إلى مليار دولار شهرياً، إذا ما عرف حجم الشحنات التي كانت تهرب قبل أن تشدد الإجراءات ويتم إلقاء القبض على 4 من أهم رؤوس شبكات التهريب في المحافظة قبل أشهر".
تفكيك شبكات.. و"المافيا" مستمرة
مصدر أمني مطلع، تحدث لـ"جسور" وطلب عدم كشف اسمه لأسباب تتعلق بوظيفته، يقول إنّ "ديالى بدأت قبل عام تقريباً بخطة شاملة لإنهاء ما يعرف بالممرات السوداء من خلال المفارز الراجلة والمتحركة".
وتحدث المصدر عن أن "التشديد نجح في ضبط من 30-35 شحنة أدوية تضمن عشرات الأطنان من الأدوية المهربة من الإقليم، نصفها ضبطت في سيطرة (مدرع) على طريق كركوك- بغداد قرب قضاء الخالص 22 كم شمال بعقوبة".
وأضاف أنّ "العشرات من المتورطين بتجارة الأدوية وراء القضبان بانتظار حكم المحاكم العراقية في التهم الموجهة اليهم"، لكن مع ذلك ـ والكلام للمصدر ـ فإنّ "عملية التهريب مستمرة".
"إرهاب آخر"
مدير إعلام صحة ديالى فارس العزاوي، هو الآخر، أقر بأن "70% من الأدوية المهربة مجهولة المنشأ والبعض الآخر فاسد منتهي الصلاحية، أي أننا "أمام إرهاب من نوع آخر من خلال نقل أدوية قد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة تقود للوفاة".
وقال العزاوي لـ"جسور"، إنّ "مكافحة تهريب الأدوية أمر بالغ الأهمية، لأننا أمام ظاهرة تهدد الصحة العامة، لأن "نسبة ليست قليلة من الأدوية منتهي الصلاحية، ما يعني تحولها إلى سموم تفتك بالمرضى".
ولفت العزاوي إلى أن دائرته "شكلت بالفعل لجنة عليا لمكافحة تهريب الأدوية من خلال إرسال ممثلين في السيطرات للكشف عن أي شحنة أدوية تضبط لبيان مدى الصلاحية وأوراقها"، مبيناً أنّ "عشرات الأطنان من الأدوية تم مصادرتها ونحن بانتظار قرار قضائي لحسم مصيرها سواء بالإتلاف أو غيره".
ويتحدث عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية النائب وعد القدو، عن "تشديد على ملف تهريب الأدوية"، ويقول إنه "بالفعل تم تفكيك شبكات عدة في محافظة ديالى خلال الأشهر الماضية، بعد ضبط عشرات الأطنان من الأدوية".
وحذر القدو خلال حديث لـ"جسور"، من "خطورة تهريب الأدوية والتي غالباً ما تكون منتهية الصلاحية، ما يعني بأنها تشكل خطراً على حياة المرضى"، مشيراً إلى ضرورة "ضبط المعابر ومنع دخول الأدوية المهربة".