في العامين الماضيين، حاول القطاع التعليمي في لبنان كما في كلّ العالم تسيير أمور الطلاب عبر التعليم عن بُعد تفاديًا لانتشار عدوى فيروس كورونا. ولكن على عكس باقي بلدان العالم، أصبحت الجائحة أخفّ وطأة على الطاقم التعليمي في لبنان مقارنةً بالأزمات الاقتصاديّة والمعيشيّة.
كان من المقرّر في سبتمبر/أيلول الماضي، أن تستقبل الصروح التعليميّة عامًا دراسيًّا جديدًا، يكون منقسمًا إلى شقّين: حضوريّ وعن بُعد. ولكن لم تفتح المدارسُ أبوابها في لبنان، لا حضوريًّا ولا إلكترونيًّا، بسبب إضرابٍ يُنفّذه المعلمون في القطاع الرسمي، احتجاجًا على تدنّي قيمة رواتبهم مع استمرار ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، خصوصًا وأنّ بدل النقل أصبح شبه رمزيّ بفعل رفع الدعم كليًّا عن المحروقات. لكن الأمر الأخطر، هو اعتبار بعضهم أن العطلة الرسمية الطويلة بين عيد الميلاد وحتى مطلع العام الجديد، ليست إلا إنذاراً من المعنيين بعدم قبول مطالبهم وبنسف العام الدراسي.
وعود متتالية
كان من المقرّر في سبتمبر/أيلول الماضي، أن تستقبل الصروح التعليميّة عامًا دراسيًّا جديدًا، يكون منقسمًا إلى شقّين: حضوريّ وعن بُعد. ولكن لم تفتح المدارسُ أبوابها في لبنان، لا حضوريًّا ولا إلكترونيًّا، بسبب إضرابٍ يُنفّذه المعلمون في القطاع الرسمي، احتجاجًا على تدنّي قيمة رواتبهم مع استمرار ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، خصوصًا وأنّ بدل النقل أصبح شبه رمزيّ بفعل رفع الدعم كليًّا عن المحروقات. لكن الأمر الأخطر، هو اعتبار بعضهم أن العطلة الرسمية الطويلة بين عيد الميلاد وحتى مطلع العام الجديد، ليست إلا إنذاراً من المعنيين بعدم قبول مطالبهم وبنسف العام الدراسي.
وعود متتالية
يشمل الإضراب في لبنان، المعلمين المتفرغين في الصفوف الأساسية والثانوية في المدارس الرسمية، كما الأساتذة المتعاقدين مع الجامعة اللبنانية.
يعيش المتفرّغون وضعًا مريرًا، لكنّ المتعاقدين يعيشون الأمرّين، فتخيّلوا أنّ المقابل المادّي لساعة تدريس واحدة لا تتخطّى العشرين ألف ليرة لبنانيّة أي ما يوازي أقل من دولار واحد. إضافةً إلى أنّ المتعاقدين يتقاضون رواتبهم الزهيدة سنويًّا وليس شهريًّا.
حفاظًا على العام الدراسي في لبنان، حاولات جهات رسمية وغير رسمية فكّ الإضراب، فوافق معظم المعلّمين بعدما تلقّوا وعودًا من وزراة التربية بتحسين أوضاعهم.
"عُدنا إلى الصفوف لمدّة شهرين من منطلق أنّ مصير العام الدراسي مهدّد وتقع على عاتقنا مسؤوليّة تجاه طلّابنا"، تقول الأستاذة المتعاقدة جوسلين حرب لـ"جسور"، ولكنّها تضيف اليوم، إنّها كزملائها غير جاهزة على بذل مجهود إضافيّ في وقتٍ لا يُظهر المسؤولون أيَّ نيّة جديّة في متابعة مطالبهم.
المعلّمة المتعاقدة نسرين شاهين، تشدّد بدورها في حديث لـ"جسور"، على أنّ "وزارة التربيّة قدّمت وعودًا متتالية، ليتّضح لاحقًا أن ما صدر عن الوزارة مجرّد كلام لا يُطبَّق منه ولو حرف واحد". شاهين تلتقي باستمرار بوزير التربية، وتشير إلى أنّه يبدو جديًّا في طرحه الحلول إلّا أنّ النيّة الحسنة لا تُجدي نفعًا إن لم تقترن بأفعالٍ جديّة.
الأساتذة بلا أجرة الطريق
احتجاجًا على هذا الواقع، ومنذ أكثر من شهر، يُنفّذ الأساتذة إضرابًا من نوع آخر تُترك فيه حريّة التعليم من عدمه لكلّ أستاذ. من هنا، لا يتلقّى التلامذة دروسهم في الكثير من المواد بسبب تغّيب الأساتذة.
اللافت لا بل الصادم، أنّه وبحسب وزارة التربية يتغيّب أكثر من 52% نم الأساتذة أي أكثر من النّصف. مما يطرح سؤالًا جديًّا حول مصير العام الدّراسي وسبل تعويض ما خسره الطلاب طوال هذه المدّة، خصوصًا لمن هم مُقبلون بعد أشهر إلى استحقاق رسميّ يتمثّل بامتحانات الشهادتين المتوسّطة والثانويّة.
أمينة إعلام التعليم الثانوي في لبنان، ملوك محرز، تتحدث عن أنّ "الأستاذ وصل إلى مرحلة لم يعد فيها قادرًا على تحمّل تكلفة النقل، لأنّ راتبه لا يكفيه لتلبية أبسط احتياجاته، إذ إنّ راتب الأستاذ المتفرّغ منذ عشرين عامًا لا يتخطّى المئة دولار شهريًّا (قبل انهيار سعر اللسرة اللبنانية". وتؤكّد محرز، أنّ "المكان الطبيعي للأساتذة هو في الصفوف إلى جانب طلابهم"، متأسفة من أنّ "بعض الأهالي يتّهموننا بتعطيل مستقبل أولادهم في وقت نحن أيضًا مواطنون ونعيش المعاناة نفسها ومن حقّنا الحصول على ضمانات تمكّننا من العيش بكرامة، بعدما أفنينا عمرنا في مزاولة مهنة كنا ولا زلنا أوفياء لها".
وعود وزارة التربية
وزير التربية اللبناني، عباس الحلبي، كان وعد جميع الأساتذة منذ أسبوعين بأنهم سيحصلون على 90 دولارًا شهريًّا، بالإضافة إلى رفع بدل النقل اليومي إلى 64 ألف ليرة. العيد بعد أقل من أسبوع، ولم تظهر بوادر حل تلوح في الأفق. الوزارة مدّدت عطلتَي الميلاد ورأس السنة هذا العام لمدّة شهر. التبرير الرسميّ للعطلة الطويلة هو إفساح المجال للمعنيّين بتحديد الواقع الصحيّ في ظلّ عودة ارتفاع أعداد المصابين بفيروس كورونا. ولكن ما يتخوّف منه الأساتذة أن تكون هذه العطلة الطويلة بديلًا عن الإضراب ورسالة مبطّنة من المعنيّين، يقولون فيها للأساتذة: إنّ تحقيق مطالبهم صعب المنال.
حتى إشعار آخر، يُكمل الأساتذة عامهم الدراسي من دون رواتب كافية تسمح لهم الاستمرار في عملهم. وحتى إشعار آخر، يُكمل الطلاب عامهم الدراسي بعيدا من صفوفهم. كثيرًا ما كان الطلاب ينتظرون أيّام الأعياد للاستراحة من الدروس المكثّفة، أمّا اليوم فأيّام التلامذة في التعليم الرسمي متشابهة.
رغم كل الأزمات في السنوات الماضية، حافظ القطاع التعليمي في لبنان على مستوى مهنيّ رفيع، أمّا حالياً فالمعنيّون أمام خيارين لا ثالث لهما: إمّا يُحيّدون مستقبل شباب وشابات لبنان عن الأزمات السياسيّة والاقتصاديّة، وإمّا يدفعون بهم إلى الهجرة، في بلد بات عددُ المهاجرين منه على مرّ العقود يفوق عدد المقيمين فيه.
يعيش المتفرّغون وضعًا مريرًا، لكنّ المتعاقدين يعيشون الأمرّين، فتخيّلوا أنّ المقابل المادّي لساعة تدريس واحدة لا تتخطّى العشرين ألف ليرة لبنانيّة أي ما يوازي أقل من دولار واحد. إضافةً إلى أنّ المتعاقدين يتقاضون رواتبهم الزهيدة سنويًّا وليس شهريًّا.
حفاظًا على العام الدراسي في لبنان، حاولات جهات رسمية وغير رسمية فكّ الإضراب، فوافق معظم المعلّمين بعدما تلقّوا وعودًا من وزراة التربية بتحسين أوضاعهم.
"عُدنا إلى الصفوف لمدّة شهرين من منطلق أنّ مصير العام الدراسي مهدّد وتقع على عاتقنا مسؤوليّة تجاه طلّابنا"، تقول الأستاذة المتعاقدة جوسلين حرب لـ"جسور"، ولكنّها تضيف اليوم، إنّها كزملائها غير جاهزة على بذل مجهود إضافيّ في وقتٍ لا يُظهر المسؤولون أيَّ نيّة جديّة في متابعة مطالبهم.
المعلّمة المتعاقدة نسرين شاهين، تشدّد بدورها في حديث لـ"جسور"، على أنّ "وزارة التربيّة قدّمت وعودًا متتالية، ليتّضح لاحقًا أن ما صدر عن الوزارة مجرّد كلام لا يُطبَّق منه ولو حرف واحد". شاهين تلتقي باستمرار بوزير التربية، وتشير إلى أنّه يبدو جديًّا في طرحه الحلول إلّا أنّ النيّة الحسنة لا تُجدي نفعًا إن لم تقترن بأفعالٍ جديّة.
الأساتذة بلا أجرة الطريق
احتجاجًا على هذا الواقع، ومنذ أكثر من شهر، يُنفّذ الأساتذة إضرابًا من نوع آخر تُترك فيه حريّة التعليم من عدمه لكلّ أستاذ. من هنا، لا يتلقّى التلامذة دروسهم في الكثير من المواد بسبب تغّيب الأساتذة.
اللافت لا بل الصادم، أنّه وبحسب وزارة التربية يتغيّب أكثر من 52% نم الأساتذة أي أكثر من النّصف. مما يطرح سؤالًا جديًّا حول مصير العام الدّراسي وسبل تعويض ما خسره الطلاب طوال هذه المدّة، خصوصًا لمن هم مُقبلون بعد أشهر إلى استحقاق رسميّ يتمثّل بامتحانات الشهادتين المتوسّطة والثانويّة.
أمينة إعلام التعليم الثانوي في لبنان، ملوك محرز، تتحدث عن أنّ "الأستاذ وصل إلى مرحلة لم يعد فيها قادرًا على تحمّل تكلفة النقل، لأنّ راتبه لا يكفيه لتلبية أبسط احتياجاته، إذ إنّ راتب الأستاذ المتفرّغ منذ عشرين عامًا لا يتخطّى المئة دولار شهريًّا (قبل انهيار سعر اللسرة اللبنانية". وتؤكّد محرز، أنّ "المكان الطبيعي للأساتذة هو في الصفوف إلى جانب طلابهم"، متأسفة من أنّ "بعض الأهالي يتّهموننا بتعطيل مستقبل أولادهم في وقت نحن أيضًا مواطنون ونعيش المعاناة نفسها ومن حقّنا الحصول على ضمانات تمكّننا من العيش بكرامة، بعدما أفنينا عمرنا في مزاولة مهنة كنا ولا زلنا أوفياء لها".
وعود وزارة التربية
وزير التربية اللبناني، عباس الحلبي، كان وعد جميع الأساتذة منذ أسبوعين بأنهم سيحصلون على 90 دولارًا شهريًّا، بالإضافة إلى رفع بدل النقل اليومي إلى 64 ألف ليرة. العيد بعد أقل من أسبوع، ولم تظهر بوادر حل تلوح في الأفق. الوزارة مدّدت عطلتَي الميلاد ورأس السنة هذا العام لمدّة شهر. التبرير الرسميّ للعطلة الطويلة هو إفساح المجال للمعنيّين بتحديد الواقع الصحيّ في ظلّ عودة ارتفاع أعداد المصابين بفيروس كورونا. ولكن ما يتخوّف منه الأساتذة أن تكون هذه العطلة الطويلة بديلًا عن الإضراب ورسالة مبطّنة من المعنيّين، يقولون فيها للأساتذة: إنّ تحقيق مطالبهم صعب المنال.
حتى إشعار آخر، يُكمل الأساتذة عامهم الدراسي من دون رواتب كافية تسمح لهم الاستمرار في عملهم. وحتى إشعار آخر، يُكمل الطلاب عامهم الدراسي بعيدا من صفوفهم. كثيرًا ما كان الطلاب ينتظرون أيّام الأعياد للاستراحة من الدروس المكثّفة، أمّا اليوم فأيّام التلامذة في التعليم الرسمي متشابهة.
رغم كل الأزمات في السنوات الماضية، حافظ القطاع التعليمي في لبنان على مستوى مهنيّ رفيع، أمّا حالياً فالمعنيّون أمام خيارين لا ثالث لهما: إمّا يُحيّدون مستقبل شباب وشابات لبنان عن الأزمات السياسيّة والاقتصاديّة، وإمّا يدفعون بهم إلى الهجرة، في بلد بات عددُ المهاجرين منه على مرّ العقود يفوق عدد المقيمين فيه.