على الرغم من المبادرة الفرنسية لحلحلة الأزمة اللبنانية - الخليجية، والاتصال الودي الذي جمع بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكورن وولي العهد السعودي محمد بن سلمان ورئيس الحكومة اللبناني نجيب ميقاتي، إلا أن الأزمة لا تزال تتفاقم من دون مؤشّرات إلى حلول في الوقت الرّاهن.
قبل أسبوع وبناء على اتصال بين ماكرون وميقاتي، قدّم وزير الإعلام اللبناني، جورج قرداحي، استقالته قبل ساعات من وصول ماكرون إلى السّعوديّة.
بعد المبادرة الفرنسيّة، قال بن سلمان إنّ السعوديّة تريد فتح صفحة جديدة مع لبنان. ولكن المطالب الخليجيّة أكبر من استقالة قرداحي، إذ ترتبط مباشرة بتقليص حجم تأثير "حزب الله" على القرارات السياسية اللبنانية. وهذا المطلب كان واضحًا منذ بداية الأزمة الدبلوماسيّة، حين قال مجلس التعاون الخليجيّ إنّ المشكلة ليست مع قرداحي بل مع وجود سلاح "حزب الله"، الذي وبحسب الخليج "يُزعزع الاستقرار في المنطقة".
في بيان استقالته، شدّد قرداحي على أنّه اتّخذ قراره حين لمس أنّ انسحابَه قادر على إحياء العلاقة اللبنانيّة الخليجيّة. ولكن يبدو أنّ هذا ما لم يحصل، فلا تزال العلاقات متشنّجة إذ إنّ العقوبات الخليجيّة وتحديدًا السعودية لا تزال قائمة من دون أيّ تعديل.
الصادرات مُصادَرة
الصادرات اللبنانية إلى المملكة متوقّفة على أنواعها ومن بينها صادرات الكتب. يشتهر لبنان بقطاع الطباعة والنشر لدرجة أنّه استحق على مدى عقود لقب "مطبعة الشرق"، والنسبة الأكبر من أرباحه ترتكز على تصدير الكتب الدراسيّة والجامعيّة والروايات وقصص الأطفال إلى الدول الخليجيّة.
العلاقة التجارية المتينة بين قطاع النشر في لبنان ودول الخليج، لم تشهد سابقاً أيّ توتّر قبل الأزمة الديبلوماسيّة الأخيرة، وهي متوقّفة كليًّا منذ أكثر من شهر. ويأتي قرار إيقاف صادرات هذا القطاع إلى المملكة تحديدًا، ضمن سلسلة عقوبات لم تشمل التواصل الرسمي وسحب السفراء والديبلوماسيّين السعوديّين من لبنان فحسب، بل انسحبت إلى مختلف القطاعات الحيويّة كتصدير المنتحات الزراعيّة أيضًا. ويُذكر أنّ النّشر مُدرَج ضمن قائمة القطاعات الخمسة الأكثر تصديرًا إلى الدول الخليجيّة.
صرخة قطاع النشر
أصحابُ المطابع ودور النشر يطلقون صرختهم: "أعمالنا تتعرقل من دون أن يكون لنا ذنب بكل ما يحدث".
رئيس إحدى المطابع في بيروت، إيلي روفايل، يؤكّد أنّ السعوديّة لا تزال ترفض استقبال أيّ كتاب مطبوع في لبنان وأنّ ما من تاريخ محدّد لعودة العلاقة التجاريّة مع المملكة إلى طبيعتها.
وفي السياق نفسه، يروي مالك إحدى دور النشر في بيروت، غسان شبارو، أنّه منذ فترة وجيزة كان لمؤسسته جناح في معرض الكتاب في الرياض وكان الإقبال كثيفًا ولكن فجأة تبلّغ أنّ الكتب لن تدخل الأراضي السعوديّة، على عكس ما تجري العادة، واصفًا ما يحصل بأنّه ضربة قاسية لقطاع النشر في لبنان. ويشدّد شبارو على أنّه كغيره من مالكي دور النشر، يُريد الحفاظ على استمراريّة عمله واسمه التجاريّ وأنّ عودة العلاقة التجاريّة مع الخليج "حاجة ملحّة في أسرع وقت ممكن".
تجميد التحويلات الماليّة
اللافت أنّ العقوبات لم تقتصر على هذا الأمر بل ثمّة ما هو جديد على خط الأزمة، فالسعودية أوقفت أخيراً كلّ التحويلات الماليّة إلى القطاعات اللّبنانيّة.
ينتظر أصحاب دور النشر والمطابع مستحقّاتهم الماليّة ولكن من دون جدوى، فالزبائن السعوديّون ممنوعون من إرسال أيّ مبلغ إلى المؤسّسات اللّبنانيّة.
معلومات سعوديّة تقول لـ"جسور" إنّ المصارف السعوديّة تُبلغ المودعين تباعًا أنّهم ممنوعون من تحويل أيّ مبلغ إلى أيّ شركة لبنانيّة. بعض السعوديّين حاولوا تحويل الأموال إلى مصارف خارج لبنان ليتمكّن بعدها التجار اللبنانيّون من استلامها، ولكن السلطات السعوديّة رفضت أيضًا هذه الخطوة.
الخليج يرى أنّ فتح صفحة جديدة مع لبنان لا يعني عودة الأمور إلى طبيعتها، بل يعني أنّ الدول الخليجيّة أعطت فرصة جديدة للبنان ليُثبت من خلال قراراته الرّسميّة أنّه غير مكبّل بإرادة إيرانيّة وغير راضخ لإملاءات "حزب الله". وعليه وإلى حين العثور على حلّ وسط يحقّق توازنًا بين المطالب الخليجيّة وطبيعة الموازين السياسيّة في لبنان، ينتظر أصحاب القطاعات الحيويّة إيجاد حلّين خارجي وداخلي، لعودة العجلة التجاريّة إلى طبيعتها لا سيّما بالنسبة إلى المؤسّسات التي ترتكز صادراتها على الدول الخليجيّة.
قبل أسبوع وبناء على اتصال بين ماكرون وميقاتي، قدّم وزير الإعلام اللبناني، جورج قرداحي، استقالته قبل ساعات من وصول ماكرون إلى السّعوديّة.
بعد المبادرة الفرنسيّة، قال بن سلمان إنّ السعوديّة تريد فتح صفحة جديدة مع لبنان. ولكن المطالب الخليجيّة أكبر من استقالة قرداحي، إذ ترتبط مباشرة بتقليص حجم تأثير "حزب الله" على القرارات السياسية اللبنانية. وهذا المطلب كان واضحًا منذ بداية الأزمة الدبلوماسيّة، حين قال مجلس التعاون الخليجيّ إنّ المشكلة ليست مع قرداحي بل مع وجود سلاح "حزب الله"، الذي وبحسب الخليج "يُزعزع الاستقرار في المنطقة".
في بيان استقالته، شدّد قرداحي على أنّه اتّخذ قراره حين لمس أنّ انسحابَه قادر على إحياء العلاقة اللبنانيّة الخليجيّة. ولكن يبدو أنّ هذا ما لم يحصل، فلا تزال العلاقات متشنّجة إذ إنّ العقوبات الخليجيّة وتحديدًا السعودية لا تزال قائمة من دون أيّ تعديل.
الصادرات مُصادَرة
الصادرات اللبنانية إلى المملكة متوقّفة على أنواعها ومن بينها صادرات الكتب. يشتهر لبنان بقطاع الطباعة والنشر لدرجة أنّه استحق على مدى عقود لقب "مطبعة الشرق"، والنسبة الأكبر من أرباحه ترتكز على تصدير الكتب الدراسيّة والجامعيّة والروايات وقصص الأطفال إلى الدول الخليجيّة.
العلاقة التجارية المتينة بين قطاع النشر في لبنان ودول الخليج، لم تشهد سابقاً أيّ توتّر قبل الأزمة الديبلوماسيّة الأخيرة، وهي متوقّفة كليًّا منذ أكثر من شهر. ويأتي قرار إيقاف صادرات هذا القطاع إلى المملكة تحديدًا، ضمن سلسلة عقوبات لم تشمل التواصل الرسمي وسحب السفراء والديبلوماسيّين السعوديّين من لبنان فحسب، بل انسحبت إلى مختلف القطاعات الحيويّة كتصدير المنتحات الزراعيّة أيضًا. ويُذكر أنّ النّشر مُدرَج ضمن قائمة القطاعات الخمسة الأكثر تصديرًا إلى الدول الخليجيّة.
صرخة قطاع النشر
أصحابُ المطابع ودور النشر يطلقون صرختهم: "أعمالنا تتعرقل من دون أن يكون لنا ذنب بكل ما يحدث".
رئيس إحدى المطابع في بيروت، إيلي روفايل، يؤكّد أنّ السعوديّة لا تزال ترفض استقبال أيّ كتاب مطبوع في لبنان وأنّ ما من تاريخ محدّد لعودة العلاقة التجاريّة مع المملكة إلى طبيعتها.
وفي السياق نفسه، يروي مالك إحدى دور النشر في بيروت، غسان شبارو، أنّه منذ فترة وجيزة كان لمؤسسته جناح في معرض الكتاب في الرياض وكان الإقبال كثيفًا ولكن فجأة تبلّغ أنّ الكتب لن تدخل الأراضي السعوديّة، على عكس ما تجري العادة، واصفًا ما يحصل بأنّه ضربة قاسية لقطاع النشر في لبنان. ويشدّد شبارو على أنّه كغيره من مالكي دور النشر، يُريد الحفاظ على استمراريّة عمله واسمه التجاريّ وأنّ عودة العلاقة التجاريّة مع الخليج "حاجة ملحّة في أسرع وقت ممكن".
تجميد التحويلات الماليّة
اللافت أنّ العقوبات لم تقتصر على هذا الأمر بل ثمّة ما هو جديد على خط الأزمة، فالسعودية أوقفت أخيراً كلّ التحويلات الماليّة إلى القطاعات اللّبنانيّة.
ينتظر أصحاب دور النشر والمطابع مستحقّاتهم الماليّة ولكن من دون جدوى، فالزبائن السعوديّون ممنوعون من إرسال أيّ مبلغ إلى المؤسّسات اللّبنانيّة.
معلومات سعوديّة تقول لـ"جسور" إنّ المصارف السعوديّة تُبلغ المودعين تباعًا أنّهم ممنوعون من تحويل أيّ مبلغ إلى أيّ شركة لبنانيّة. بعض السعوديّين حاولوا تحويل الأموال إلى مصارف خارج لبنان ليتمكّن بعدها التجار اللبنانيّون من استلامها، ولكن السلطات السعوديّة رفضت أيضًا هذه الخطوة.
الخليج يرى أنّ فتح صفحة جديدة مع لبنان لا يعني عودة الأمور إلى طبيعتها، بل يعني أنّ الدول الخليجيّة أعطت فرصة جديدة للبنان ليُثبت من خلال قراراته الرّسميّة أنّه غير مكبّل بإرادة إيرانيّة وغير راضخ لإملاءات "حزب الله". وعليه وإلى حين العثور على حلّ وسط يحقّق توازنًا بين المطالب الخليجيّة وطبيعة الموازين السياسيّة في لبنان، ينتظر أصحاب القطاعات الحيويّة إيجاد حلّين خارجي وداخلي، لعودة العجلة التجاريّة إلى طبيعتها لا سيّما بالنسبة إلى المؤسّسات التي ترتكز صادراتها على الدول الخليجيّة.