ما بين اليوم والآخر، يُكتب فصل جديد من فصول الأزمات الحياتيّة التي تُتعب المواطن اللبناني، فتجعله يبحث بين الأروقة عن سبيل لحلّها، أو للتأقلم معها على أبعد تقدير.
مشكلة المياه الملوّثة هي واحدة من الأزمات المتراكمة التي يعانيها الشعب اللبناني من شماله إلى جنوبه مرورًا بجبله. مشكلة تتنقّل بين المناطق، حتى باتت تشكّل خطرًا محدقًا على الشعب الذي ملّ اجتراح الحلول لشتى الأزمات.
وفي هذا السياق، أظهرت نتائج فحوصات عيّنات من مياه الشّفة في منطقة الضنّية شمال لبنان وجود تلوّث كبير فيها، فضلاً عن كونها غير صالحة للشّرب، الأمر الذي كشف عن أزمة كبيرة في منطقة تعدّ واحدة من أغنى مناطق لبنان بالينابيع والمياه الجوفية.
المسؤولون عن الصحّة في منطقة الضنيّة كانوا قد طالبوا بأخذ عينات من المياه في تلك البقعة الجغرافيّة بهدف فحصها في مختبر غرفة التجارة والصناعة والزراعة في طرابلس شمال لبنان، وذلك اثر انتشار مرض التهاب الكبد الفيروسي المعروف باليرقان في بلدات عدة.
نتائج الفحوصات أتت سلبية، لأن المياه تحتوي على ملوثات جرثومية بنسبة عالية جدًا، كما أنها غير نظيفة وغير صالحة للشرب والاستعمال المنزلي.
وتعليقًا على الأمر، قال نائب المنطقة أحمد الخير في حديث لجسور: "إن التلوث موجود بكل مصادر المياه، فمعظم شبكات المياه الممدودة في المنطقة أصبحت بحاجة إلى إعادة تأهيل، فاهتراء تلك الشبكات يؤدي حتمًا إلى دخول مياه الصرف الصحي عليها وذلك يؤدي إلى التلوّث بنسبة كبيرة."
وأضاف "مصلحة المياه تقوم بمعالجة المياه قبل وصولها إلى المستهلك، فالخطر الذي نواجهه في المنطقة هو وجود مصادر مياه لا تتبع لمصلحة المياه وبالتالي لا تتم معالجتها وهنا ترتفع نسبة الخطر."
وبالحديث عن الحلول قال، "للمعالجة الكاملة نحن بحاجة لإعادة تأهيل جميع شبكات المياه لمنع دخول مياه غير صالحة عليها، ولكن ذلك يتطلب الكثير والدولة عاجزة في الوقت الحاضر، لذلك على الناس الوقاية من داخل المنزل ومعالجة المياه قبل الاستخدام، وهنا يأتي دور الدولة بتأمين المواد اللازمة للمستهلكين."
وخوفًا من تمدّد رقعة مرض الكوليرا مع وجود تلوث في المياه أكد الخير "أن الموضوع خطير ويستدعي إجتماعًا طارئًا لكل الوزرات المختصة إضافة إلى مصلحة المياه والمراكز الصحيّة للعمل على المعالجة السريعة."
مصادر مسؤولة في مصلحة مياه الضنّية قالت إنّ المصلحة "تقوم بدورها في مجال التنظيف ولا يوجد أيّ تقصير. "نأخذ عيّنات مياه شرب يوميًا من مناطق مختلفة في الضنّية ونحلّلها في مختبرنا، لدينا تقارير يومية وأسبوعية وشهرية نرفعها إلى المسؤولين في مؤسّسة مياه لبنان الشّمالي، وأغلب هذه الفحوصات أظهرت أنّ المياه سليمة، وأيّ مشكلة تلوّث نواجهها نعالجها بوضع مادة الكلور لتعقيم المياه".
ولفتت المصادر إلى مشكلتين رئيسيّتين تتسبّبان بتلوّث المياه، وتعجز مصلحة المياه عن حلّهما، الأولى "مشكلة النّفايات العشوائية التي تُرمى في مجاري الأنهر وقرب ينابيع المياه". والثانية "شبكات مياه الصرف الصحّي التي تصبّ في مجاري الأنهر أو قرب الينابيع، وهي مشكلة تفوق قدرة المصلحة على حلّها، وتحتاج إلى حلّ جذري لا يمكن القيام به إلّا من خلال الدولة أو الوزارات المعنية.