مع بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، والتصعيد الغربي ضد الروس والضغوط الأميركية عليهم، ومحاولة محاصرة روسيا اقتصادياً وسياسيّاً، زاد الحديث عن احتمال انسحاب روسيا من سوريا للتركيز على حربها مع أوكرانيا.
ونشرت مواقع المعارضة السورية ومنصاتها أخباراً تفيد بوجود نيّة روسية لخفض عدد القوات الروسية في سوريا، والانكفاء تدريجياً من مناطق عدة، من بينها مناطق "شرق الفرات" التي تسيطر عليها "قسد"، وهو ما يمكن استثماره عسكرياً، لإحداث تغييرات ميدانية في هذه المنطقة.
وتساءل محللون سياسيون إن كانت المعارضة السورية قد بدأت تتحرّك، مستغلة الانشغال الروسي بالأحداث الجارية في أوكرانيا، وإن كانت تعمل على المطالبة بمقعدي سوريا في الأمم المتحدة والجامعة العربية.
لكن مدير المركز المصري الروسي للدراسات، أشرف كمال، يرى في حديث لـ"جسور"، أن "ما يشاع عن احتمال انسحاب القوات الروسية من سوريا يأتي في إطار الحملات الإعلامية والحرب المعنوية للضغط على روسيا وتشويه صورتها وإظهارها كعاجزة عن إدارة المعركة في أوكرانيا".
أجندة خارجية
ويؤكد أن "هذه ليست المرة الأولى التي تساق فيها حملة مماثلة ضد روسيا، فسبَقَ أن ضج الحديث عن طلب روسي لمساعدات عسكرية من الصين، لكن وزارة الخارجية الصينية نفته على الفور".
ويعتبر كمال، أن "المعارضة السورية فقدت الكثير من أدوات التأثير في سوريا سياسيّاً، لأن أجندتها خارجية وجميع دول الخارج مشغولة بحرب روسيا على أوكرانيا، فحتى القضايا العربية تراجعت بشكل ملحوظ أمام هذه الأزمة".
ويقول كمال، إن "سوريا بالنسبة لروسيا منطقة استراتيجية مهمة جدّاً والإنسحاب منها في هذا الوقت بالذات هو غير منطقي، فروسيا تتطلع إلى تكريس قواعدها على شواطئ البحر الأسود، للعبور بعدها إلى البحر المتوسط، حيثُ القاعدة الوحيدة لها وهي طرطوس".
ويشير كمال إلى أنه "من المحتمل أن تقوم الجماعات الإرهابية باستغلال انشغال روسيا في أوكرانيا وزيادة نشاطها الإرهابي في سوريا".
ويلفت إلى أن "ضغوط واشنطن على روسيا تتعلق بعدم تسوية ملف إدلب وعدم التوصل إلى اتفاق ينهي وجود الجماعات الإرهابية التي تتلقى دعماً ماليا واقتصاديا من بعض الجهات، ما يؤدي إلى استمرار الوضع كما هو عليه، من دون انتصار فريق على الآخر".
وختم قائلاً إن "الوضع البائس الذي وصلت إليه سوريا، ربما يروق للولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي إذ يسيرُ في إطار سياستهما في تقسيم المقسّم، خصوصاً وان سوريا كانت من الدول القوية".
تعاون عسكري
وفي وقت سابق، استقبل الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، الذي وصل إلى سوريا لتفقد سير المناورات البحرية في شرق المتوسط.
وبحسب وزارة الدفاع الروسية أطلع شويغو الرئيس السوري على سير المناورات البحرية الروسية في شرق المتوسط".
وتم بحث مختلف قضايا التعاون العسكري التقني بين البلدين في إطار القتال المشترك ضد فلول الإرهابيين الدوليين، والمساعدات الإنسانية الروسية للشعب السوري، الذي يعاني من عقوبات جائرة فرضتها الولايات المتحدة والدول الغربية".
كما تناول الحديث "التعاون القائم بين الجيشين الروسي والسوري وخصوصاً في موضوع مكافحة الإرهاب" حيث "جدد الوزير شويغو التأكيد على أن بلاده ستستمر في التعاون مع سوريا في هذا المجال حتى استعادة سيادتها على كامل أراضيها على الرغم من محاولات الدول الداعمة للتنظيمات الإرهابية إعادة تنشيطها بعد الخسائر التي لحقت بهذه التنظيمات، وستواصل مساعدة الشعب السوري على تجاوز آثار العقوبات والحصار الجائر المفروض عليه" وفق بيان الرئاسة السورية.