على بُعد أيام معدودة من الاستحقاق النيابي في لبنان، تشن صحيفة عكاظ السعودية وبشكل شبه يومي هجوما على رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق رئيس تيار المستقبل سعد الحريري، تارة على لسان كتّابها من الجنسيتين السعودية واللبنانية ومرّة عبر نقل تصريحات لقياديين سابقين في المستقبل كالنائب والوزير السابق معين المرعبي الذي اتّهم الحريري ب"النفاق السياسي".
هجوم صحيفة عكاظ على الحريري جاء إثر إعلانه مقاطعة الانتخابات النيابية ترشيحًا ودعوة مناصريه الشارع السني إلى مقاطعة الاقتراع.
العلاقة المميزة التي جمعت آل الحريري بالعائلة المالكة السعودية بدأت تسوء بشكل تدريجي مع اعتماد سعد الحريري سياسات مناهضة لسياسة المملكة في لبنان، وتقديمه تنازلات عديدة للمحور الإيراني وممثله حزب الله.
واتّسع الشرخ بين الطرفين مع إصرار الحريري على البقاء كرئيس حكومة مكلّف لمدة تسعة أشهر دون النجاح في تشكيل الحكومة، رغم دعوة السعودية له بالتراجع ورفض الخارج دعمه في ظل إحكام سيطرة حزب الله على القرارات السياسية في البلد، وكانت النتيجة انسحاب الحريري من الحياة السياسية عندما وجد نفسه وحيدًا وانتقل إلى الإمارات العربية المتحدة ليصب كامل اهتمامه على أعماله التي عرفت تراجعًا كبيرًا وصل حد الإفلاس خلال عمله السياسة.
وقبيل الانتخابات النيابية، أعلن الحريري رسميًا مقاطعته لها ترشيحًا، كما رفض دعم أي لائحة وطلب من المحازبين عدم الترشح إلا في حال استقالوا من عملهم الحزبي، ليبرز على الساحة السنيّة وجوه سياسية عديدة.
البعض منها كان ينتمي لتيار المستقبل، تنافست فيما بينها لملء الفراغ الذي يشغله الحريري، كما أشارت بعض المعلومات إلى أن المملكة العربية السعودية حاولت إيجاد بديل سني عن الحريري لكن على ما يبدو لم تتمكن من تحقيق ذلك.
ضوء أخضر
الرأي العام في لبنان ورغم معرفته بما آلت إليه العلاقة بين المملكة والحريري إلا أنه فوجئ بالكلام عالي النبرة من قبل صحيفة عكاظ، وفي هذا الإطار تؤكد الكاتبة في الصحيفة راوية حشمي "لا يمكن لصحيفة عكاظ وهي صحيفة حكومية في المملكة العربية السعودية أن تتناول أي موضوع سياسي دون حصولها على الضوء الأخضر من السلطات الرسمية في البلد".
وأضافت "الحريري لا يأبه لكونه يجر طائفة كبيرة بتمثيلها إلى ما لا تحمد عقباه عبر تسليم البلاد إلى المحور الإيراني" واضعًأ أمامه هدفًا وحيدًا، كما أردفت، ألا وهو إيصال رسالة إلى الداخل والخارج مفادها "أنا أملك قرار الشارع السني وإن أردتم أصوات السنة عليكم أن تعيدوا تعويمي"، بالتالي تقول حشمي "لم يفكر الحريري سوى بمركزه متناسياً أوجاع الشعب الذي ضاق ذرعاً من الانهيار الاقتصادي ويريد العيش بكرامة".
أما السعودية ومن خلال الهجوم الذي بدا لافتًأ في توقيته، كانت تأمل بحسب حشمي، أن "يقدم الحريري على دعوة مناصريه وأبناء الطائفة إلى المشاركة في الاقتراع" لكنها أضافت "إلا أن المملكة لم تنجح في مسعاها حتى الآن".
تأثير وازن
وكشفت أن جرّ الطائفة السنية إلى المقاطعة أمامه عدة محاذير "لما للطائفة من تمثيل كبير يمتد على كامل الوطن كما أن تأثيره على الساحة السياسية في لبنان وازن".
ولفتت إلى أن سبب اتجاه الشارع السني للمقاطعة "يعود إلى ارتباطه الوجداني مع سعد الحريري منذ اغتيال والده رفيق الحريري عام 2005 والذي تسلم رئاسة الحكومة عدة مرات أيضًا".
وتجدر الإشارة إلى أن أصابع الاتهام في اغتياله وجهت إلى سوريا وحزب الله وقضت المحكمة الدولية لأجل لبنان باتهام أحد عناصر حزب الله بالضلوع في عملية الاغتيال.
بارقة أمل عادت إلى الشارع السني، تتابع حشمي، مع عودة السفير السعودي إلى لبنان، "إذ ساهمت عودته في رفع معنويات الطائفة السنية بعد ما شهدته من تراجع وتردد في تشكيل لوائح في بيروت والبقاع والشمال خوفاً من غضب الحريري عليها" مؤكدة وقوف البخاري "على مسافة واحدة من كل الافرقاء السياسيين في لبنان".
من ناحية أخرى شككت حشمي في معرفة الحريري بخطورة خطوته في معاداة دول الخليج خصوصًا المملكة العربية السعودية، لكنها أكدت أن السياسي في لبنان لا ينتهي دوره وإن ابتعد لفترة من العمل السياسي.
وكانت المديرية العامة للأوقاف الإسلامية أصدرت بتوجيه من مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، تعميمًا على أئمة وخطباء المساجد في لبنان لدعوة اللبنانيين في خطبة الجمعة المقبلة إلى المشاركة الواسعة وبكثافة في ممارسة واجبهم الوطني بانتخاب ممثليهم في المجلس النيابي واختيار الأصلح والأكفأ والأجدر بتولي هذه الأمانة، كذلك حث المواطنين على النزول الى صناديق الاقتراع للانتخاب.