7 ملايين مستفيد.. 85% منهم بلا عجز
تتحدث الإحصائيات عن "قرابة 7 ملايين و350 ألف مشمول بالرعاية الاجتماعية، بينهم نحو 6 ملايين شخص يحصلون على الإعانة بسبب عدم امتلاكهم فرصة عمل يعتمدون عليه ما أدى إلى تردي وضعهم المعيشي"، وفق حنتوش.
ويوضح المتخصص، أن "الحالات الاجتماعية التي يجب شمولها بالرعاية الاجتماعية هي أصحاب العجز ومن لا يستطيعون العمل وهم قد لا يتجاوزون المليون و350 ألف شخص أو اقل"، معتبرًا أن "الحكومة من غير المعلوم متى ستعترف بوجود مشكلة عمل؛ لأن تعداد السكان بازدياد، في وقت يتم إغلاق القطاع الخاص بأمر قوانين الدولة ومنح الإجازات الاستثمارية بالرشاوى وعراقيل كبيرة، وغياب القروض من البنك المركزي أو وجودها بصعوبة، وبالتالي أين سيذهب البلد بالشباب المؤهلين للعمل وهم يفتقرون لفرص العمل".
ويؤكد حنتوش أن "رواتب الرعاية وصلت إلى أرقام ضخمة بمجموعها، وهي مبالغ بسيطة تمنح لكل عاطل ولا تكفي للحياة اليومية"، مشيراً إلى أن "كل هذا يجري في ظل استيراد العراق للبضائع بمبالغ تصل إلى 70 مليار دولار، يمكن صناعة نحو نصفها في العراق واستثمار الأيدي العاملة من العاطلين".
وبالنسبة للمتخصص الاقتصادي، فإن "غياب سياسة الدولة واضح في إطار تشغيل الشباب"، خصوصا وأن "تشغيل الشباب يتم عبر تفعيل القطاعات المعطّلة الصناعية والزراعية والسياحية منها".
جيوش من العاطلين
يشكل المستفيدون الرعاية الاجتماعية تأثيراً سلبياً على الاقتصاد وفق متخصصين، حذروا من "خطر زيادة أعداد المشمولين بالرعاية الاجتماعية في العراق"، إذ يصف المتخصص في إدارة الأزمات الاقتصادية علي الفريجي، ما موجود في العراق بأنه "جيوش من العاطلين عن العمل".
ويقول الفريجي، لـ"جسور"، إن "التوسّع فوضوي وأحياناً يدخل في إطار الأهداف السياسية كشمول أعداد من العاطلين عن العمل برواتب الرعاية الاجتماعية مقابل الحصول على دعم انتخابي"، مضيفاً أن "الرعاية الاجتماعية أصبحت سياسة خاطئة تنتهجها وزارة العمل وخلقت جيوشاً من موظفي البطالة بعنوان وظيفي باحث عن العمل يتسلم رعاية اجتماعية شهرية".
"عبء كبير على الموازنة"
ويوضح الفريجي، أن "أعظم المخاطر التي تواجه هذه الحالة هي رفع قيمة فاتورة الرواتب السنوية ومنها رواتب الموظفين العموميين، والمتقاعدين، والرعاية الاجتماعية وغيرهم، حيث أصبحت هذه الفاتورة تشكّل عبئاً كبيراً على الموازنة العامة التي ترتكز على قاعدة إنفاق سلبي استهلاكي غير منتجة ومقلقة جداً في البناء والإدارة المالية العراقية، والموازنة العامة".
ويشير إلى، أن "الموازنة المالية التي أصبحت عبارة عن مجموعة جداول تقوم بتنظيم وتوزيع حجم الإنفاق والذي من المتوقع أنه سيرتفع بمعدلات خطرة، إذ تستهلك فاتورة الرواتب ما يعادل 74% من إيرادات الدولة النفطية بمعدل تجاوز الـ64 مليار دولار".
ويؤكد المتخصص أن "معدل الدين العام وصل إلى 126 مليار دولار في 2023، ومتوقع أن يرتفع إلى نحو 265 مليار دولا في 2028 في حال الاستمرار بمعدلات الانفاق وعدم توسيع القاعدة الاقتصادية لإيرادات الدولة". وحول هذه القاعدة الاقتصادية غير المتزنة كما يصفها، يجري "تحول التوظيف الكمي السلبي إلى وسيلة رفع الضغط على أداء الحكومات بشكل سياسي، لكسب جماهيري انتخابي وليس لحل مشكلة اقتصادية".
ويلفت الفريجي إلى أن "واقع البلد الاقتصادي يشهد غياب قطاع خاص متمكن منتج، والموجود هو قطاع مرتبط بالصراع على ما يخرج من عقود الدولة للاستحواذ عليها"، مشيراً إلى أن "الحكومات المتعاقبة لم تتمكن من خلق قطاع استثماري حقيقي بمشاريع استراتيجية ضخمة تستوعب القوى الباحثة عن العمل".
ويضيف: "لا توجد استراتيجية حكومية أو استراتيجية قطاع خاص لتدريب وتطوير كفاءة القوى الباحثة عن العمل لمهن وحرف بطرق فنية متطورة، لتأهيلهم وإدخالهم للعمل بالقطاع الخاص سواء أعمال أو مشاريع صغيرة، بالإضافة إلى "غياب نهج القروض الصغيرة المبرمجة والمرتبطة بدراسات جدوى معدة مسبقاً".
ويبين الفريجي أن "عدم الأمان الذي يستشعره الباحث عن العمل في القطاع الخاص، نتيجة حتمية لسوء تطبيقات قانون حماية العاملين في القطاع الخاص او مراقبة القطاع الخاص"، مبيناً أن "ما جرى ذكره هو بحد ذاته السبل والاستراتيجيات التي يجب توفرها للخروج من الأزمة الاقتصادية التي تخنق الأداء الحكومي الذي ارتضى لنفسه القيود السياسية المتحكمة في الاداء الاقتصادي، كذلك فشل الأحزاب في اختيار القيادات الاقتصادية الحكيمة التي يمكنها أن تقود الاقتصاد العراقي للخروج من هذا النوع من الأزمات".