والخزعلي، كحال مئات آلاف الطلبة الذين يتخرجون من الجامعات والمعاهد سنوياً ويدخلون إلى سوق العمل، وفق وزارة التخطيط العراقية، بينما هؤلاء لا يجدون مساحة لهم في سياسة التوظيف الحكومية، للدرجة التي ارتفعت فيها البطالة لتسجل 16.5 % في عموم العراق بحسب مسح سابق للوزارة.
ويقول حيدر الخزعلي (35 عاماً)، في حديثه مع "جسور"، إنه "يضطر للعمل في هذا المجال بعيداً عن مجال تخصصه الذي درس فيه لسنوات وهو الإدارة والاقتصاد".
"مللت التقديم على عمل ضمن مجال تخصصي لمرات عدة في القطاع الحكومي لكن لم أحصل على وظيفة وسط تخمة موظفي القطاع العام"، يوضح الخزعلي، ويضيف أنه "كذلك قدمت على وظيفة في المصافي النفطية بالاعتماد على شهادتي الجامعية، غير أن العمالة الباكستانية والبنغلاديشية، هي المفضلة على حساب العامل العراقي في هذا القطاع".
ويشير الخزعلي إلى أن "هذا هو الحال أيضاً في الوظائف ضمن القطاع الخاص كذلك، ذات الرواتب الجيدة، إذ يفضل فيها أرباب العمل، العامل الأجنبي على العامل العراقي".
ويتساءل حيدر الخزعلي، بحسرة: "هل من الممكن أن أبقى اسيراً لـ 300 دولار شهرياً وأنا أعيل عائلتي الكبيرة؟!".
عمل متقطع ومستقبل مجهول
وبحسب التقارير الحكومية، فإنّ موازنة العام الحالي 2024 خالية من الدرجات الوظيفية، ليواجه هؤلاء الخريجون مصيراً قاتماً في ظل تعطيل القطاع الخاص لتشغيلهم فيه.
خضر محمد، يعمل هو الآخر مع زميله الخزعلي في قطاع البناء، يشرح لـ "جسور"، معاناة العمل في قطاع غير منظم كالبناء، ويقول: "العامل في العراق مظلوم جداً، إذ أنه إلى جانب غلاء الأسعار، فهو غير منظم ضمن قانون يضمن حقوقه، بما يؤمن له أدنى مستوى للعيش الكريم. وهذا هاجس يؤرّقنا في ظل عدم وجود بوادر لتحسن الوضع الاقتصادي للبلاد كي نتمكن من تغيير أعمالنا لنضمن منها مستقبل جيد لنا ولأولادنا".
ويوضح محمد أن "استمرار عملنا بهذه الطريقة ومن دون وجود دليل واضح على تفعيل قوانين تضمن نيلنا لأبسط مقومات الحياة الكريمة أسوةً بباقي أبناء المجتمع، فهو مجرد وسيلة لعيش يومنا من دون معرفة المستقبل!".
لا تعيينات لدى الحكومة بعد
"الحكومة لم يعد بإمكانها التوظيف أكثر في مؤسسات الدولة"، جملة يلخص فيها المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي، مستقبل الخريجين، ويشير إلى "التوجه الحالي للحكومة تحول نحو تنمية القطاع الخاص والذي يتطلب جملة من الإجراءات والتشريعات والأنظمة والقوانين التي تنظم عمله".
ويؤكد الهنداوي، أنه "صدر مؤخراً قانون الضمان الاجتماعي للعمال والذي من شأنه الإسهام في تطور القطاع الخاص وضمان حقوق العاملين فيه"، إذ أنّ "وزارة التخطيط تعمل حالياً على تفعيل دور مجلس تطوير القطاع الخاص الذي سيكون برئاسة رئيس الوزراء ويضم في عضويته ممثلي كل الفعاليات الاقتصادية تحت لواء القطاع الخاص، وبالتالي سيكون للمجلس مساحة جيدة لعملية رسم السياسة التنموية وفي عملية تنفيذ هذه السياسة في العراق".
وكانت الحكومة العراقية قد رفعت المبلغ الإجمالي لقانون الموازنة من 199 تريليون دينار إلى 228 تريليون دينار في موازنة 2024، فيما ارتفع معه عجز موازنة 2024 إلى 80 تريليون دينار بعد أن كان 63 تريليوناً في الموازنة السابقة.