في خضم صراع سياسي بدأ يتوسع مع تشكيل حكومة الإطار برئاسة محمد شياع السوداني بسبب خلافات حول المناصب واختلاف وجهات النظر حول بعض القرارات، والأهم من ذلك الخلاف على القيادة والاستفراد والاستحواذ على الدولة العميقة، طفت على السطح الخلافات بشكل واضح وصريح عبر تصريحات مباشرة كانت أو غير مباشرة!
وتنقسم الخلافات بين سياسية حول إدارة الحكومة أو الوجود الأميركي في العراق وتداعيات حرب غزة وضرب القواعد الأميركية في عين الأسد في الأنبار وحرير في أربيل وحتى القواعد الأميركية خارج العراق.
أول هذه الخلافات، خلاف بين السوداني ونوري المالكي حول ملفات عدة منها وبحسب المراقبين حول وزارة النفط وبعض آليات العمل فيها خصوصاً وأن الوزير هو من دولة القانون بزعامة المالكي، الى جانب تباين في وجهات النظر بشأن الحكم وإدارة الحكومة وهو ما دفع أحد الإعلاميين المقربين من السوداني الى نشر تغريدة تنتقد المالكي كاتباً: إن على المالكي أن يتقاعد لأنه أصبح حجر عثرة في هذا النظام!
خلافات أخرى واضحة للعيان كان أهمها حول الحرب على القواعد الأميركية، تغريدات متبادلة من داخل الإطار التنسيقي وصل بعضها للتخوين واتهام الطرف الآخر كما جاء في بيانات حركة النجباء الأخيرة التي اتهمت البعض من أطراف الإطار من دون ذكر اسمها بأنها غارقة بمكاسب السلطة وغيرها من الاتهامات لأطراف أخرى غير معلوم من هم حين قال أكرم الكعبي في بيانه الأخير إن "بعض الخونة والعملاء الذين باعوا وطنهم ودينهم وضميرهم للمحتل قد أعطوه معلومات عن المقاومة ومواقعها، لذلك صار واجبًا إعادة التموضع وحماية إخوتنا وتغيير أسلوب وتكتيكات المعركة واستكمال الجهوزية والمفاجآت قادمة".
الكعبي في ذات الوقت بهذا البيان كان مُشككاً بجدوى المفاوضات التي تجريها حكومة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، مع الإدارة الأميركية والساعية لإنهاء الدور العسكري الأميركي في البلاد، واعتبر أن الجانب الأميركي مخادع ولن ينسحب عبر المفاوضات!
البيان كان واضحاً فيه حجم الخلاف وإن لم يذكر الكعبي أحداً، كما لم يأت شبل الزيدي على ذكر أحد قادة الفصائل المسلحة في بياناته المتعددة الأخيرة المتذمرة من خلافات مع أطراف لم يسمها هو الآخر، وإن كان اللبيب من الإشارة يفهم.
وعليه، يرى مراقبون أن الإطار التنسيقي يعيش حالة صراع داخلي بين قوى مسلحة ترفع السلاح بوجه الوجود الأميركي ولا يهمها العامل السياسي وحسابات السلطة، وقوى أخرى لديها السلاح أيضاً لكنها تريد مسك زمام السلطة من دون مشاكل مع الجانب الأميركي الذي يمسك بتلابيب الاقتصاد العراقي الذي يمثل نقطة أمان أو انهيار من يمسك بهذه السلطة.
وحتى من يرغب بالبقاء الأميركي أو بأن تكون للسلطة علاقات مميزة مع واشنطن، فإنه رغم ذلك على تباين مع أطراف أخرى داخل الإطار تملك التوجه نفسه، في خلافات سياسية تتمحور حول النفوذ في إدارة الدولة والمناصب.
صراع العروش داخل الإطار!
إلى ذلك، فإن الخلافات أصبحت تزداد وتيرتها حتى وصلت لأعلى هرم القيادة في الحشد الشعبي، وأصاب الانتقاد الحاد رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض والذي التقى بعلي حاتم السليمان أحد شيوخ قبيلة الدليم في الأنبار أحد أعمدة اعتصامات الأنبار قبيل دخول داعش.
الانتقاد اللاذع من أطراف داخل الإطار هي نفسها من سهلّت عودة السليمان وحتى رافع العيساوي العنصر الأساسي في اعتصامات الأنبار عام 2014، وتم تسوية ملفاتهم قبل أشهر لتشكيل درع نوعي (سُني) بوجه محمد الحلبوسي في انتخابات مجالس المحافظات الماضية ولم ينجحوا بذلك والدليل سيطرة الحلبوسي على الساحة الانتخابيّة السُنية لكن كان لهم النجاح بإزاحته قبل ذلك من رئاسة مجلس النواب!
انتقاد الفياض لم يكن من أجل قضية محقة بقدر ما هو لأجندات سياسية ربما إحداها هو إزاحة الفياض من منصبه الحساس لصالح جهة أخرى داخل الإطار، وأقسى حملة ضد الفياض جاء بتغريدة للنائب عن الإطار التنسيقي يوسف الكلابي قال فيها إن “الرجل الذي قال (ابو مهدي المهندس لا يمثل الحشد)، لا يؤتمن على الحشد مشيرا في تغريدته إلى أن الحشد لا يقاد من سياسي يجامل على حساب الدماء”.
أما علي تركي الجمالي، النائب عن عصائب أهل الحق التي يتزعمها قيس الخزعلي فقد قال صراحةً بوجوب عزل فالح الفياض من رئاسة هيئة الحشد الشعبي كذلك النائب حسن سالم وهو من عصائب أهل الحق ايضاً، فقد تساءل في تغريدته التي انتقد فيها لقاء الفياض بالسليمان قائلا، " هل يستحق الفياض منصب رئاسة هيئة الحشد الشعبي؟"
قبل ذلك حدث خلاف جوهري حول المحافظات لا سيما منصب محافظ ديالى شمالي شرق بغداد، والذي كان من حصة القيادي في الإطار التنسيقي هادي العامري، وبعد أحداث دراماتيكية تمت أخيراً إناطة هذا المنصب إلى ائتلاف دولة القانون وهي ضربة قوية للعامري في معقله محافظة ديالى والتي من المفترض أنها تمثل نفوذه الشعبي والمعنوي.
وحتى ملف تشكيل حكومة صلاح الدين والتي أصبح فيها أحمد الجبوري (أبو مازن) محافظاً لها قبل تنازله بعد ضغوطات، فإن أطرافاً داخل الإطار اتهمت طرفاً آخر بالاتفاق منفرداً مع أبو مازن ضد الإطار!
ولا ننسى الخلاف الكبير قبل أسابيع داخل الإطار بخصوص انتخاب خليفة الحلبوسي في منصب رئيس مجلس النواب، وكيف انقسم نواب هذا التحالف كُلاً بحسب رغبة الزعيم الفلاني، بين مؤيد لمرشح الحلبوسي وهو شعلان الكريم وبين مؤيد لمحمود المشهداني وبين محمود العيساوي، حتى وصلت الاتهامات لخيانة دم الشهداء في حال انتخاب شعلان الكريم، كما اليوم اتهم البعض بخيانة دم الشهداء في موضوع لقاء الفياض مع علي حاتم السليمان، ليبدو الأمر وكأن شعار خيانة دم الشهداء هو اتهام جاهز عند الحاجة!
خلافات تنتهي عند الحاجة..
هذه الخلافات ستنتهي ويعود الإطار عبارة عن جرة فخار واحدة قوية بمجرد حدوث خطر على سلطته، والخطر على الأغلب هو السيد مقتدى الصدر الذي يعيش الآن في سبات سياسي مؤقت، وبمجرد عودته سيعود الإطار كتلة واحدة كما حدث قبل وأثناء وبعد انتخابات عام 2021 ونجح الإطار في وقتها بمنع الصدر من تشكيل حكومته، أما اليوم فجرار الإطار متفرقة، وأضعفها جرار الحكيم والعبادي والعامري، وأقواها جرة فخار المالكي يقابلها جرة الخزعلي - السوداني، والتي يبدو أنها الأقوى داخل الاطار الآن !