لا يبدو أن النظام الايراني وبعد أن بسط نفوذه على 4 بلدان في المنطقة وصار يلعب دورًا ملفتًا للنظر في الاحداث والتطورات الجارية ولاسيما من حيث إثارته للحروب والمواجهات في هذه البلدان الاربعة ومناطق أخرى، فإن هناك حالة رفض غير إعتيادية ضد هذا النفوذ خصوصا وإن الرفض يشمل أيضا الاوساط الشيعية التي طالما تباهت طهران بكونها ممثلة عنهم وتعبر عن أمانيهم وطموحاتهم، هذا النفوذ الذي تجسد في شكل تدخلات صارت تشمل الجوانب السياسية والاقتصادية والامنية والفكرية والاجتماعية، لم يعد هناك من يتحمس لها ويرحب بها بل صار المشككون والرافضون لها ليس على مستوى بلدان المنطقة کلها بل وحتى على أساس البلدان الاربعة الخاضعة لنفوذها الى الحد الذي صار هناك خطا وسياقا عما من حيث رفض دور هذا النظام وتدخلاته في بلدان المنطقة.
لكن الذي صار واضحًا ومعلومًا للشعب الايراني وحتى شعوب المنطقة، إن ليس هناك عدم تقبل وإقتناع بالتدخلات الايرانية في دول المنطقة فقط وإنما هناك أيضا من يرفضها رفضا مطلقا، ولاسيما بعد أن تداعت عنها الكثير من الآثار والنتائج السلبية المتباينة، بل وإن هناك ليس تشكيك كامل بالاساس الديني الذي يسوغ هذه التدخلات بل وحتى التشكيك في الاساس الديني للنظام نفسه خصوصا بعد أن صار واضحا بأنه يقوم بتوظيف العامل الديني من أجل تحقيق أهداف سياسية خاصة.
الحديث عن العامل والأصل الديني وإستخدامه وتوظيفه من قبل النظام الإيراني لتحقيق أهداف وغايات خاصة، صار أكثر وضوحًا عندما تم إستخدامه ضد الشعب الايراني وقواه الوطنية ووصل الى حد تم فيه إعتبار كل مواطن إيراني يعارض هذا النظام أو يسعى للقيام بنشاطات خارج دائرة قوانينه وأنظمته، بأنه محارب ضد الله ويجب قتله، ولعل الفتوى التي أصدرها الخميني في صيف عام 1988 والقاضية بإعدام أكثر من 30 ألف سجين سياسي كانوا يقضون فترات محكومياتهم لمجرد كونهم أعضاء أو أنصار لمنظمة مجاهدي خلق، جسدت ذروة إستخدام الدين لأغراض وإعتبارات سياسية، علما بأن هذه الفتوى قد عارضها رجال من داخل النظام بإعتباره قد تمادى و بالغ كثيرا ليس في قسوته ووحشيته وانما في خروجه على الاسس والمباني الشرعية للإسلام ذاته.
سياسة القبضة الحديدية والقسوة المفرطة الناجمة عنها والتي إستخدمها ويستخدمها هذا النظام ضد الشعب الايراني من خلال توظيف الدين، كانت في الاساس من أجل تهيأة الأرضية لتنفيذ مخططاته المختلفة وفي مقدمتها تصدير التطرف والارهاب والتدخلات في الشٶون الداخلية لدول المنطقة، وهذه الحقيقة توضحت خلال الأعوام الى أبعد حد خصوصا بعد حدوث إنتفاضة 16 سبتمبر 2022، والتي دامت لعدة أشهر وردد خلالها الشعب الايراني شعارات رافضة لنهج النظام جملة وتفصيلا، ولاريب من إن هناك علاقة جدلية بين قمع الشعب الايراني وبين التدخلات في المنطقة ولايمكن للنظام التخلي عن أي واحد منهما لأن ذلك سيٶدي في النتيجة الى تقويض حکمه وبدء العد التنازلي لنهايته الحتمية.
حسين عابديني
نائب مدير مكتب المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في بريطانيا