هلل البعض للإتفاق النووي الذي تم إبرامه من قبل مجموعة 5+1 مع النظام الايراني في تموز من عام 2015، وإعتبروه فاتحة خير وأمل في رسم معالم خارطة طريق للتعامل والتعاون بين الدول الکبرى وخصوصا الغربية منها مع النظام الايراني ولاسيما بعد هرولة عدد من الشرکات الغربية الى إيران لإبرام إتفاقات إقتصادية، لکن مانشرته في عام 2016، أي بعد عام على إبرام الاتفاق النووي، المخابرات الالمانية والسويدية عن مساع سرية محمومة للنظام الايراني من أجل إستمرار نشاطاته السرية وحتى قيامه بالاستفادة من شرکات صينية من أجل الحصول عى أدوات ومعدات يمکن الاستفادة منها في البرنامج النووي، قد بين بوضوح بأن الاتفاق النووي لم يتمکن من لجم محاولات النظام الايراني في مواصلة مساعيه السرية من أجل تطوير برنامجه النووي.
المثير للسخرية والتهکم، إن البرنامج النووي قد شرع به النظام الايراني في أواخر التسعينيات وخلال عهد الرئيس الاسبق محمد خاتمي، مثلما إن ذروة تدخلات النظام الايراني وتصديره للتطرف والارهاب قد حدث خلال عهد الرئيس السابق حسن روحاني، وهو مايدل وبکل وضوح على النفاق والازدواجية بخطوطها العريضة في کل مايتعلق ويرتبط بهذا النظام، إذ وفي الوقت الذي يزعم فيه الاعتدال فإن أکثر برامجه تطرفا وتهديدا للسلام والامن يتم الشروع فيه أو تفعيله خلال"موسم الاعتدال" المزعوم، وکما إن مازعمه النظام بشأن الاعتدال والاصلاح لم يکن إلا مجرد نظريات براقة لا صوت ولا صدى لها على أرض الواقع، فإن إلتزامه برنامج نووي کان ولازال هدفه الاساسي جعل النظام أمرا واقعا وفرض نهجه في داخل وخارج إيران على المجتمع الدولي، يمکن إعتباره بمثابة وهم وسراب!
فيما يخص البرنامج النووي للنظام الايراني فإن الحقيقة المهمة جدا والتي يجب عدم التغاضي عنها وأخذها بنظر الاعتبار والاهمية، هي إن هذا النظام قد بدأ برنامجه على أساس نوايا مبيتة ولذلك فإنه إتسم بالضبابية والغموض منذ البداية، لکن المفاجأة التي فجرتها منظمة مجاهدي خلق خلال مٶتمر صحفي لها في العاصمة البلجيکية بروکسل بکشف وفضح الجوانب السرية لهذا البرنامج ومن إن النظام يقوم بتنفيذه بعيدا عن الاعين، کانت في حد ذاتها تأکيد على حالة النفاق والازدواجية في تعامل وتعاطي هذا النظام مع المجتمع وإن مايقوله ويدعيه هو غير ما يفعله ويقوم به.
التصريح الملفت للنظر الذي نقلته وكالة أنباء "إرنا" الرسمية الإيرانية عن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، والذي أعلن خلاله التخلي عن الاتفاق النووي من حيث المبدأ، رغم عدم إعلان نهايته، إلا أنه أصبح الآن فارغا. هذا التصريح في حقيقة أمره لم يأت بأي جديد بل وحتى إنه قد جسد صورة الواقع کما هو، مع ملاحظة إن النظام الايراني لم يکن أساسا جادا وصادقا عند إبرامه للإتفاق النووي بل وحتى يمکن القول بأنه وعندما کان يقوم بالتوقيع بيد فإنه کان يضع الخطط باليد الاخرى لکيفية خرق ونقض ماقد وقعه بالصورة التي تضمن إستمرار برنامجه النووي لحد تحقيق هدفها الاساسي بإنتاج القنبلة الذرية.
بعد إبرام الاتفاق النووي في عام 2015، وجهت زعيمة المعارضة الايرانية، مريم رجوي، إنتقادات لاذعة للإتفاق وأکدت بأن النظام الايراني کان على إستعداد لتقديم الکثير من التنازلات في حال لو مارست مجموعة 5+1 المزيد من الضغوط، کما إنها قد صرحت لاحقا بأن"نظام الملالي مع أو بدون الاتفاق النووي، يواصلون مساعيهم السرية المشبوهة من أجل الحصول على السلاح النووي.