كان لافتًا ما قاله رئيس وزراء إقليم كردستان العراق مسرور بارزاني، خلال مؤتمر للطاقة في دبي، عن أن الإقليم لديه القدرة لتعويض بعض من نقص الطاقة، على الأقل في أوروبا، وانه سيصبح قريبا مصدرا مهما للطاقة وسيساهم في تلبية الطلب العالمي وسيصدّر إلى تركيا في المستقبل القريب.
إلّا أن حديث بارزاني تزامن مع ما نقلته "رويترز" عن مسؤولين عراقيين وأتراك عن أن "خطة وليدة لإقليم كردستان العراق لتزويد تركيا وأوروبا بالغاز بمساعدة إسرائيل تعد جزءا مما أغضب إيران ودفعها لقصف أربيل بـ12 صاروخًا باليستيًا في وقت سابق من هذا الشهر، حيث أصابت معظم هذه الصواريخ منزل رجل الأعمال الكردي باز كريم البرزنجي الذي يعمل في قطاع الطاقة في إقليم كردستان".
لكن بحسب المعارض السياسي والإعلامي العراقي أحمد الأبيض، فإن "المضي في تشكيل حكومة لا تسيطر عليها إيران يغضب طهران أكثر من موضوع الطاقة، فعلى الأرجح أرادت إرسال رسالة سياسية من خلال هذه الصواريخ لا تتعلق بالطاقة بشكل مباشر".
طرح سياسي
وقال الأبيض، في حديث لـ"جسور"، "يسعى إقليم كردستان إلى إعادة إحياء ذكرى استقلاله عن العراق، مستغلّاً نقص إمدادات الطاقة في العالم، في وقت لا يستطيع أن يلبي حاجة أوروبا من الطاقة لوحده من دون غاز إقليم كركوك".
وتابع: "إذا تمكن الإقليم من امتلاك صادرات وبالتالي التعاقد مع دول العالم، سيصبح متمكناً إقتصاديّاً، الامر الذي سيمهد لإنفصاله عن العراق، وهذا ما لن تسمح به تركيا وإيران، خصوصاً وأن الأخيرة تخشى أيضاً من أي منافس على حدودها ككردستان، الإقليم الذي لديه علاقات وثيقة مع الغرب".
ورأى الأبيض أن "طرح بارزاني هو سياسي، ويندرج ضمن الصراع الحاصل في بغداد وفشل البرلمان العراقي في انتخاب رئيس جمهورية وتشكيل حكومة".
تحذيرات سياسية
من جهته، أكد الخبير الاقتصادي العراقي د. صفوان قصي، في حديث لـ"جسور"، أن "عملية الإستثمار في الإستثمارات النفطية في الإقليم ستؤدي إلى زيادة مستوى صادراته بالإتجاه الأوروبي من خلال تركيا".
وأضاف: "ستساهم هذه العملية أيضاً في تغذية الإتحاد الأوروبي، لكن الإتحاد لن ينفتح على كردستان فقط، بل هناك محاولة لاستثمار الغاز السعودي والجزائري أيضاً، وإعادة هيكلة الإستثمارات الأوروبية بهدف الإستفادة من دول الشرق وشمال افريقيا".
في سياق آخر، استبعد ارتباط موضوع الطاقة بالقصف الإيراني لأربيل في وقت سابق، باعتبار أن هناك صراعاً سياسيّاً قائماً بين الفرقاء السياسيين، وعلى الأرجح القصف يرتبط بتحذيرات سياسية غير مباشرة".
وكان الهجوم الذي وقع في 13 مارس/ آذار معلناً من قبل الحرس الثوري الإيراني.
وقال الحرس الثوري الإيراني إن الهجوم أصاب "مراكز استراتيجية" إسرائيلية في أربيل وكان رداً على غارة جوية شنتها إسرائيل وقتلت اثنين من أعضائها في سوريا، لكن اختيار الهدف أثار حيرة العديد من المسؤولين والمحللين.
مصدرٌ صافٍ
وكان رئيس وزراء كردستان العراق، مسرور بارزاني قال، "أنا واثق بأن كردستان ستصبح قريبا مصدرا مهما للطاقة بينما ينمو الطلب في العالم."
وأضاف: "سنصبح مصدًرا صافيا للغاز إلى بقية العراق، وإلى تركيا، وإلى أوروبا في المستقبل القريب."
وشدد بارزاني على أن حكومة كردستان تبقى ملتزمة بالعقود الموقعة مع شركات النفط والغاز، وفي موقف يمكنها من مساعدة دول أخرى في المنطقة.
وأضاف "نحن في كردستان، لدينا القدرة الآن لتعويض على الأقل بعض النقص في النفط في أوروبا، إذا كان شركاؤنا في بغداد مستعدين للعمل معنا".
وكان بارزاني قال في وقت سابق إنه بحث "إمكانيات ضخمة للغاز" في كردستان، أثناء اجتماع مع وزير الدولة القطري لشؤون الطاقة، سعد الكعبي.
وكتب عبر "تويتر" إن "فرقا من الحكومتين ناقشت أيضا الاستثمار في الطاقة والموارد المتجددة والتعاون الإقليمي في الطاقة".
ولدى إقليم كردستان احتياطيات نفطية غير مستغلة وعقود مربحة للمشاركة في الإنتاج وبيئة آمنة، دفعت شركات نفط دولية على مدار الأعوام القليلة الماضية للتعهد باستثمار مليارات الدولارات فيه.
لكن المحكمة الاتحادية في العراق قضت منذ شهر بعدم دستورية قانون النفط والغاز الذي ينظم صناعة النفط في كردستان، وطالبت السلطات الكردية بتسليم إمدادات الخام إلى الحكومة الاتحادية، الأمر الذي وصفه بارزاني بأنه "ظلم فادح".