تأتي انتخابات حزب البعث الحاكم في سوريا منذُ عقود، وسط تحدّيات كبيرة للنظام السوريّ على الصعد كافة خصوصاً المعيشيّة منها.
ويصدّر الأخير لِعودة جديدة و"تغيير" في صفوف الحزب الّذي من مبادئه الأساسيّة "وحدة، حريّة، إشتراكية" في بلدٍ أضحى منذ 13 عاماً مهدداً بوحدته، مسلوبَ الحريّة، والإشتراكيّة يبدو أنها أصبحت فكرة "طوباويّة وخياليّة" في سوريا.
ماذا عن الإنتخابات الجديدة؟ هل فعلاً سيحل تغيير ما أم الأسماء الجديدة" جاهزة" قبل الإنتخابات كما تشير مصادر؟
انتخابات جديدة!
تكثُر الأخبار من الأوساط الإعلاميّة والسياسيّة للنظام عن انتخابات جديدة تجري في حزب البعث العربي الإشتراكي "الحاكم في سوريا منذ الستينات"، وذلك تحت شعار ما أسمته سلطة الحزب "لنصوّت لبعثٍ أفضل"، وذلك بهدف انتخاب أمين الشُعبة والأعضاء ومن ثم الفروع وما إلى ذلك من مناصِب حزبيّة مرتبطة بسير الانتخابات.
وتشير مصادر مطلعة داخل العاصمة دمشق لـ "جسور" إلى أنّ النظام يحاول تسويق فكرة أنّ هناك تغييراً ما سيجري في بُنية حزب البعث الحاكم وهيكليّته، عبر استبداله بما كان يسمّى بالانتخابات الماضية بتجربة الـ"الإستئناس الحزبي" التي فشلت، إلى انتخابات حاليّة يقول إنها تهدف إلى التغيير لكن الواقع يشير عكس ذلك.
وتضيف المصادر: "ستتكّرر الأسماء والمناصِب وقوائم الترشيح ما زالت منذ عقود تخرُج من مكاتب رؤساء الأفرع الأمنيّة والمخابرات وحتى الجيش، والأسماء الّتي تنجح موجودة قبل الإنتخابات كما هي العادة.. وحتّى الوجوه الجديدة أيضاً حضورها مدروس نسبةً للمسؤول الّذي رشّحها، وكلّ ذلك بهدف القول إنّ تغييراً ما سيحصل في حزب البعث الّذي أكل الزمان عليه وشرِب.. والواقع أنّ المجتمع أصبح غير مهتمّ بتلك الأمور نسبةً إلى همّه اليوميّ والمعيشيّ الّذي يزداد تعقيداً وسوءاً في كل يوم من دون حلول عمليّة سواء من الحزب أو السلطة.. وأعتقد أنّ أمر الانتخابات الحاليّة مشكوك بنجاحه وسيعود النظام لممارسة ألاعيبه الحزبيّة والإنتخابيّة الشكليّة والغناء بنفس الطاحون "البعثيّ" كما يُقال".
ويذكر أنّ انتخابات حزب "البعث" بدأت في شباط الحاليّ وذلك على مستوى الأعضاء العاملين والشعب الحزبية في المحافظات، وسوف تستمر حتى انتخابات أعضاء القيادة المركزية الجديدة للحزب.
وكان قد شدّد الرئيس السوري بشار الأسد، على "أهمية" انتخابات حزب البعث الحاليّة، مضيفاً أنها جاءت "للمشاركة الواسعة وليس للأسماء التي تفوز فيها" وذلك بحسب قوله. وذكر الأسد ذلك في خلال لقائه مع مجموعة من المفكرين والأكاديميين والكتّاب البعثيين، أنّ نتائج الانتخابات يحب أن تعكس "قرار ورغبة الأغلبية، وهذا هو جوهر الانتخابات".
وكان رئيس النظام قد ترأس بنهاية عام 2023 الفائت، اجتماعاً للجنة المركزية لحزب البعث، وذلك لمناقشة جدول الأعمال المقترح حول التحضير لإجراء الانتخابات واختيار ممثلي الحزب إلى اجتماع اللجنة المركزية الموسّع.
تغييرات جديدة أم شكليّة؟
انتخابات البعث ستجري قريباً في بعض المحافظات، وهي حمص والرقة وحلب واللاذقية وإدلب، وذلك على مستوى الشُعب الحزبيّة، ثمّ مفروض أن تليها انتخابات في باقي المحافظات.
وأفادت مصادر إعلاميّة سوريّة عدّة بأنّ غالبيّة المرشحين الجُدد هم أعضاء سابقون في مجالس الشعب أو أعضاء شُعب أو مسؤولون بمكان معيّن، لذا ووفقاً لتلك المعطيات ستكون المشاركة قليلة في "الاستحقاق الإنتخابيّ المقبل"، كما لا يبدو أن هناك إمكانيّة لحدوث تغّيرات جذرية داخل بُنية الحزب الذّي ما زال حاكماً منذ سنوات طويلة.
وكان رئيس النظام قد أجرى في العام 2018 تعديلاً على حزب البعث، فتغير من كونه "حزباً عابراً للحدود والأقطار " إلى حزب "محليّ"، كذلك شملَ التعديل تغيير تسمية "القيادة القطرية" إلى "القيادة المركزية"، كما تم إلغاء منصب "الأمين القطري المساعد"، ليبقى فقط منصب "الأمين العام والأمين العام المساعد".
وفي وقتٍ سابق أكّد أمين سر حزب البعث في سورية "هيثم سطايحي" لصحيفة الوطن "المقرّبة من النظام"، بأن المرحلة المقبلة ستشهد تغييراً كبيراً في ملامح القيادة الحزبية الحالية، مضيفاً إلى أنه جرى توجيه الدعوة إلى 87 قيادياً حزبياً لحضور الاجتماع.
والجدير بالذكر أنّ حزب البعث فاز مع حلفاؤه بغالبية مقاعد مجلس الشعب في الانتخابات التشريعية التي جرت عام 2020، والتي بلغت نسبة المشاركة فيها حوالي 33 بالمئة، بحسب النتائج الرسمية التي أعلنتها اللجنة القضائية المشرفة على عملية الاقتراع.
قيادي بعثيّ في إسرائيل!
من جهةٍ ثانية، تداولت وسائل إعلاميّة عدّة أنباء متضاربة عن هروب أو إعتقال قيادي وعضو في حزب البعث السوري واسمه "مطاع السرحان" إلى إسرائيل.
وأشارت مصادر إلى أن قوات الجيش الإسرائيلية اعتقلت مشتبهاً اجتاز الحدود من الأراضي السورية الى إسرائيل، ونُقل المشتبه للتحقيقات معه مع قوات الأمن الإسرائيلية.
بالمقابل، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن إسرائيل اختطفت مطاع السرحان، القيادي البعثيّ وعضو لجنة المصالحة، وذلك من منزله في قرية "الرفيد" بريف القنيطرة بالقرب من الجولان السوري المحتل.
مصادر أُخرى نقلت عن أهالي المنطقة بالقنيطرة أنّ القوات الإسرائيلية متّهمة باجتياز الحدود لاختطاف السرحان من الأراضي السورية، وسط تضارب المعلومات حول سبب الاختطاف، حيثُ أشارت بعض التقارير إلى أنّ سرحان كان مقرباً من الميلشيات الإيرانيّة المنتشرة في الجنوب السوريّ وخصوصاً حزب الله اللبناني الذّي تقول مصادر أنّ القيادي البعثي كان على علاقة وطيدة معهم.. بالمقابل مصادر من إعلام "المقاومة" شكّك بتلك المعلومات مشيراً إلى أنّ سرحان ممكن أنه متعامل مع إسرائيل!
وبحسب مصادر محليّة داخل دمشق، في حال صحّة المعلومات عن دخول قوّات إسرائيليّة بريّة إلى عمق الأراضي السورية ذلك ما سيكون "سابقة" خطيرة، لكن ستنكشف في الأيام القليلة المقبلة قصة "مطاوع سرحان" الغامضة والتي بحسب المصادر جاءت بعد يوم واحد من الإعتداء الإسرائيلي على كفرسوسة بدمشق والذّي راح ضحيّته أشخاص مرتبطون بإيران بحسب المعلومات..
المصادر أكّدت أنّ كل الأخبار مرتبطة ببعضها في سياق معيّن، مضيفةً أن ذلك يدلّ على فوضى وتضارب معلومات من داخل النظام نفسه، ما يعطي المؤشرات حولَ استمرار "الإختراق" الأمنيّ رغم إجراء تغييرات عديدة.