تشهد منطقة الشرق الأوسط تصعيدًا غير مسبوق على جبهات عدة، بينما يستمر القصف المتبادل بين "حزب الله" وإسرائيل التي تتوعد لبنان بإعادته إلى العصر الحجري، تحاول الولايات المتحدة الأمريكية مع عدد من الشركاء الدوليين بالضغط على كافة الأطراف لتجنب التصعيد ولعدم انزلاق لبنان في حرب ستكون باهظة الثمن على بلد لا يوجد فيه مقومات للصمود وسط تفاقم معاناة اللبنانين في ظل غياب رئيس للجمهورية اللبنانية ورئيس جكومة دائمة للبلاد، مع التوترات والعمليات العسكرية التي مازالت تتصاعد في جميع أنحاء المنطقة بعد التدخل المباشر من إيران عسكريًا، وزاد من المخاوف من أن يتحول الصراع بالوكالة بين المليشيات المدعومة من إيران من جهة والولايات المتحدة وحلفائها من جهة أخرى.
في هذا الإطار، أدلى المتحدث الإقليمي باسم وزارة الخارجية الأميركية، ساميويل وربيرغ، بتصريح خاص لـ"جسور" أكد أن الولايات المتحدة واضحة في موقفها بعدم رغبتها في توسيع نطاق الصراع ليشمل مناطق أخرى في المنطقة، وهي تعمل عن كثب مع المسؤولين الإسرائيليين واللبنانيين لتحقيق هذه الغاية والولايات المتحدة تؤكد أهمية الفصل بين القضايا وعدم الخلط بين الصراعات المختلفة.
وأضاف إن الصراع في غزة يجب ألا يكون مبررًا "لتصعيد التوترات في لبنان أو أي منطقة أخرى وتعتبر واشنطن أن استخدام لبنان كمنصة لإطلاق الهجمات ضد إسرائيل، أو كملاذ للإرهابيين، يزيد فقط من خطر التصعيد ويضر بالشعب اللبناني، الذي يسعى في معظمه إلى الابتعاد عن النزاع."
لذا، تستمر الولايات المتحدة الأميركية وشركاؤها في التأكيد أن "حزب الله" والجهات الفاعلة الأخرى يجب ألا يحاولوا استغلال الصراع الدائر كما تستمر واشنطن بالتواصل مع قيادة لبنان لمعالجة دور الأسلحة التي يمتلكها حزب الله في زعزعة استقرار البلاد والمنطقة.
وتؤكد الولايات المتحدة أهمية استعادة الهدوء على طول الخط الأزرق وتعتبرها من أولوياتها القصوى، وينبغي أن تكون كذلك بالنسبة لإسرائيل ولبنان.
تهديدات إسرائيلية جدية للبنان
وفيما يتعلق بتهديدات الحكومة الإسرائيلية للبنان بتوسيع العمليات العسكرية وضرب العمق اللبناني، أكد وربيرغ أن واشنطن تتابع عن كثب التطورات في جنوب لبنان وتعي جيدًا التوترات الراهنة في المنطقة وتدرك أهمية الحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة، كما تدعو إلى ضبط النفس وتجنب أي إجراءات قد تؤدي إلى تصعيد الوضع ومن الأهمية بمكان أن تتحمل جميع الأطراف المسؤولية لضمان عدم تفاقم الأمور.
حراك اللجنة الخماسية من أجل لبنان
وفيما يتعلّق بالاستحقاق الرئاسي اللبناني والحراك الدولي نحو لبنان في ظل تسارع الأحداث في المنطقة، يقول وربيرغ إن واشنطن على تنسيق وثيق مع شركائها لحث المسؤولين اللبنانيين على انتخاب رئيس وتشكيل حكومة وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الحاسمة رغم أنه يقع على عاتق القادة المنتخبين في لبنان تشكيل حكومتهم الخاصة.
وشدد على أن الشعب اللبناني "يستحق حكومة تستجيب لمطالبهم وتكون خالية من الفساد، تقوم بالعمل وتتخذ القرارات الصعبة التي ستسمح للبلاد بالخروج من هذه الأزمات ولكن في نهاية المطاف هذا القرار لبناني ولا يمكن لأي دولة أن تتدخل فيه احترامًا لسيادة لبنان."
الحوثيون خطر على أمن المنطقة واستقرارها
وبشأن العمليات العسكرية لتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية ضد الحوثيين في اليمن، أعرب المتحدث الإقليمي باسم وزارة الخارجية الأميركية عبر "جسور" عن إدانة واشنطن الأعمال الإرهابية التي يقوم بها الحوثيون، بما في ذلك تهديداتهم للملاحة البحرية واستهداف السفن التجارية وتصرفات الحوثيين تشكل خطراً على الأمن والاستقرار في المنطقة وتعرقل جهود السلام.
أما بالنسبة للتحركات الأميركية بالتعاون مع شركاء واشنطن والمجتمع الدولي، فعادة لا تتم مناقشة العمليات العسكرية المستقبلية أو الخطط التكتيكية لا سيما وأنها عددًا من الشركاء أيضًا. ومع ذلك، تلتزم الولايات المتحدة الأميركية بحماية المصالح الأميركية والدولية معًا والحفاظ على أمن الملاحة البحرية.
إيران تستغل الصراع في غزة
وعما يتم تسريبه حول وجود قنوات تفاوض بين إيران والولايات المتحدة، يوضح المتحدث الإقليمي باسم وزارة الخارجية الأميركية: نحن لا نعلق على طبيعة رسائلنا الخاصة إلى إيران أو وسائل تسليمها. ومع ذلك، قد كنا واضحين في رسائلنا إلى إيران، سواء علنًا أو سرًا، بأنه عليها ألا تستغل الصراع في غزة ووقف دعمها لنشاط الجماعات الإرهابية والوكلاء المسلحين، بما في ذلك الحوثيون الذين يستمرون في تهديد التجارة الدولية.
تحركات عسكرية للحرس الثوري الإيراني
وعن الضربات العسكرية للحرس الثوري الإيراني في المنطقة وفي أربيل – العراق وباكستان فأوضح وربيرغ مرة أخرى، نرى أن إيران بدلاً من السعي إلى حلول دبلوماسية بناءة للنزاعات التي تعاني منها المنطقة، اختارت بشكل متكرر زعزعة استقرارها.
وأكد أن الولايات المتحدة تدين بشدة التحركات العسكرية الأخيرة للحرس الثوري الإيراني في المنطقة، بما في ذلك الضربات الصاروخية التي استهدفت أربيل في العراق والهجمات على باكستان... هذه الأعمال تسببت في قتل وجرح المدنيين وتهدد استقرار المنطقة بأسرها.
تعزيز الوجود الأميركي في المنطقة
وأشار المتحدث ساميويل وربيرغ، إلى أن الولايات المتحدة لا تسعى للمواجهة مع إيران، ولكنها تحت قيادة الرئيس الأميركي جو بايدن ستتخذ الإجراءات اللازمة للدفاع عن شعبها ومصالحها ضد أي تهديدات قد تنبثق من إيران وتم التأكيد في رسائل لإيران، سواء علنًا أو سرًا، على ضرورة عدم التصعيد أو توسيع نطاق الصراع أو استغلال الوضع الحالي وقد أوضحنا أنه إذا تعرضت قواتنا لهجوم، فسوف نستجيب، وهذا ما فعلناه بالفعل. كما أن تعزيز وجودنا في المنطقة يعتبر رسالة واضحة لأي طرف في المنطقة - سواء كان دولة أو غير ذلك - بأن هذا ليس الوقت المناسب لاستغلال النزاع بين إسرائيل وحماس لتوسيع هذا الصراع.
رفض سيطرة حماس على قطاع غزة
وفي الحلول المرتقبة لإنهاء الحرب في قطاع غزة، أشار وربيرغ الى أن الولايات المتحدة تعمل بنشاط على التواصل مع الأطراف المعنية لتحقيق الأمن والسلام في المنطقة وتسعى لضمان أمن إسرائيل عند انتهاء الحرب، ورفض العودة إلى الوضع الذي كان قائمًا قبل السابع من أكتوبر.
كما تؤكد واشنطن أن قطاع غزة يجب ألا يظل تحت سيطرة حماس، وأن أراضي غزة في أي سيناريو مستقبلي يجب أن تبقى أرضًا فلسطينية ولا يمكن تقليصها ونعمل مع شركائنا على تحديد الطريقة المثلى للتقدم بمجرد انتهاء الأزمة، مع إشراك الإسرائيليين والفلسطينيين في مقدمة القرارات.
وأوضح أن إسرائيل، حسب ما أعلنت، تقلل من عدد قواتها في غزة، وهو ما يبدو أنه تحول تدريجي إلى عمليات أقل حدة في الشمال، وهذا ما كنا نشجع عليه. كما قال الرئيس بايدن، نود أن تعطي إسرائيل الأولوية لإنقاذ حياة المدنيين والسماح بدخول المزيد من المساعدات إلى غزة حتى مع استمرارها في الدفاع عن نفسها ضد تهديدات حماس.
دعم جهود إطلاق الأسرى الإسرائيليين
وقال وربيرغ "نحن نؤمن أن الشعب الفلسطيني له الحق في العيش في دولة مستقلة بسلام وأمان كما نركز على ضمان حصول إسرائيل على ما تحتاجه للدفاع عن نفسها ضد حماس، وضمان استمرار وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وتحرير الرهائن."
وأكد أن الولايات المتحدة الأميركية تعمل بجد وتدعم كل الجهود لضمان الإفراج عن الرهائن. بالنسبة لتفاصيل أي مفاوضات أو شيء شبيه والقرارات الخاصة بإنهاء العمليات العسكرية، فإن هذه الأمور تقع ضمن اختصاص الحكومة الإسرائيلية.