لطالما استُخدم الاغتصاب كأقسى سلاح حرب، أثناء التطهير العرقي، وفي وجه الأقليّات والمعارضين السياسيين لإخضاعهم وترهيبهم. ومع استمرار الحرب في السودان، تتزايدِ حالات الاغتصاب في العاصمةِ الخرطوم وإقليمِ دارفور غربي البلاد، وسط تخوّف من انتقال هذه الجرائمِ إلى ولايات أخرى.
عشرات السودانيات يتعرّضنَ للإغتصاب عند كل صراع سياسي. تشكل عمليات الاغتصاب والاعتداءات الخطيرة التي ارتكبت ضد المدنيين في السودان انتھاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي (قوانين الحرب) والقانون الدولي لحقوق اإلنسان، إذ يُعتبر أفراد الجيش الذين شاركوا فيھا، أو الذين ساعدوا على ارتكابھا، أو حرّضوا عليه، مسؤولين عن ارتكاب جريمة حرب. كما أن الضباط الذين كانوا على علم بعمليات الاغتصاب ولم يتخذوا إجراء بمنعھا أو معاقبة مرتكبيھا، يتحملون المسؤولية الجنائية بحكم مسؤوليتھم القيادية.
وبحسب موقع "سودان تربيون"، "تمّ إجهاض 12 من أصل 20 امرأة، تعرضن لعمليات اغتصاب في السودان خلال الحرب الحالية، والعمليات تمت وفقا للإجراءات القانونية، فيما تنتظر أخريات موافقة النيابة العامة على الإجراء".
جدير بالذكر أن القانون السوداني يمنع الإجهاض، ولكنه يستثني حدوثه في حالتين، هما حفظ حياة الأم أو حال كان الحمل نتيجة اغتصاب، شريطة ألا يكون الجنين بلغ 90 يوما.
120 ضحية
وقال مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تروك، في مطلع مارس/آذار الحالي، إن مكتبه وثّق 60 حادثا جنسيا مرتبطا بالنزاع شملت 120 ضحية، منها 81% على يد قوات الدعم السريع ومسلحين ينتمون إليها.
من جهة أخرى، تخضع السيدات في بورتسودان للتدريب على حمل السلاح، ليصبحن قادرات على استخدام البنادق والدفاع عن أنفسهن. وفكرةُ تأسيسِ هذه المعسكراتِ الخاصةِ في تدريبِ السيدات جاءت بناءً على دعوةٍ من القائدِ العامِ للجيش عبد الفتاح البرهان للاستنفارِ والتصدي لقواتِ الدعمِ السريع والتي تتهمُها بارتكابِ انتهاكاتٍ واسعةٍ لحقوقِ الإنسان.
وفي 3 مارس/آذار الجاري، تقدمت حملة "معا ضد الاغتصاب والعنف الجنسي"، بمذكرة إلى النائب العام، دعته لتسهيل إجراءات إجهاض المغتصبات وقبول كافة البيانات والتقارير التي تأتي من الضحايا والمراكز الطبية والمنظمات الحقوقية.
وسيعقد اجتماع بناء على دعوة رسمية من النائب العام المُكلف محمد الفاتح طيفور إلى الحملة، بعد أن رفعت إليه المذكرة.
المجتمعات العربية
الاغتصاب في الحروب ليس أمراً جديداً، ولم يحدث في السودان فقط. تقول الكاتبة النسوية الأميركية سوزان براون ميلر، "اكتشف الإنسان أن أعضائه التناسلية يمكن أن تكون بمثابة سلاح لإثارة الخوف، وفي الحقيقة يجب أن يصنف كأحد أهم الاكتشافات في عصور ما قبل التاريخ، إلى جانب استخدام النار، إن الوظيفة الحاسمة للاغتصاب ليست أكثر أو أقل من عملية تخويف واعية يُبقي بها جميع الرجال جميع النساء في حالة من الخوف".
تعرّضت الأقليّة الأيزيدية في العراق وسوريا لمصير يشبه مصير السودانيات على يد جهاديي تنظيم "الدولة الإسلامية"، عندما نجحوا بالسيطرة على مساحات شاسعة من البلاد. واتخذ جنود الخلافة من الأيزيديات "سبايا" حرب، وقاموا ببيعهنَّ في "أسواق الرق" لاستعبادهنَّ جنسيّاً.
في المجتمعات العربية، يرتبط الاغتصاب بشكل مباشر بشرف العائلات ومكانتها الاجتماعية العربية، ويعتبر وسيلة لإقصاء الفتيات، وأداة قمعٍ للنساء اجتماعياً وجعلهن في مرتبة أقل من الرجال. ويصنّف بعض هذه المجتماعات حتى اليوم المغتصبات غير صالحات للزواج.